شام تايمز – متابعة
افتتح “المؤتمر الدولي للاستشراق” أولى دوراته في الدوحة يوم السبت، وطرح سؤاله المركزي عما يستجد في الدراسات الاستشراقية في هذه اللحظة تجاه الإسلام والعالم العربي، بعد قرون من بدايات الاستشراق في العصور الوسطى، ثم تحوله إلى مؤسسة غربية في القرن الثامن عشر، سبقت ورافقت الاستعمار الحديث.
حول هذه الثيمة التي يقام لأجلها مؤتمر هو الأول من نوعه في العالم العربي والإسلامي، حضر أكثر من 300 باحث ومفكّر ومستشرق من 50 بلداً، إلى هذا المؤتمر في “مشيرب – قلب الدوحة” في العاصمة القطرية، ليبدأوا طرح أوراقهم ومناقشاتهم على مدار يومين، بتنظيم من مركز “مناظرات قطر” ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالي القطرية، تحت شعار “نحو تواصل حضاري متوازن”.
وكانت كلمة وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر ورئيسة المؤتمر، لولوة بنت راشد الخاطر، مفصّلةً بشكل وافٍ لفكرة المؤتمر وطروحاته حول الشرق والاستشراق اللذين قالت إنهما يجب ألّا يُختزلا في الإسلام والعرب ومنطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي تفاقم بسبب هيمنة كتابات إدوارد سعيد عن أدب الاستشراق.
يحمل المشاركون كلهم أطروحات في حقل معرفي متنوع، وبحسب ما يتبناه المؤتمر في مدونته، فإن الاستشراق بأبعاده المتنوعة ليس بالموضوع الجديد، لكن هذا لا ينفي مشروعية الاستمرار في درسه، فهو ليس حدثاً عارضاً ولا موضوعاً ظرفياً، بل هو عملية مستمرة لن تتوقف ما دام الغرب مستمراً باتصاله بالشرق.
تنشأ في هذا الخضم المصطلحات التي تتجدد، خصوصاً بسبب الطابع الصراعي والتنميطي والسياسي من قبل ومن بعد، مثل نشوء مصطلح الاستغراب الذي نشأ في منتصف القرن الماضي، وهو مع الاستشراق يعكس كل منهما علاقات قوى ورغبة في تفسير “الآخر”، إما لإدارته وإما لإعادة تعريف الذات أمامه.
إلا أن مطالعة أسئلة المؤتمر الفرعية تشي بأن المسألة ليست أبداً ثنائيات استشراق واستغراب. ثمة سؤال عن الذي استجد في الدراسات الاستشراقية تجاه الإسلام والعالم العربي، وآخر يسأل عن أشكال الاستشراق الجديد واتجاهاته ومناهجه، وآخر عن ماذا يفترق الاستشراق في الشرق عن نظيره الأوروبي الغربي؟ وما مستجدات الاستشراق بعد الثورة الرقمية؟ هذه واحدة من أطروحات المؤتمر التي تعاين هذا النزوع الفكري السياسي من خلال آخر المنتجات المعرفية التكنولوجية، ولا مانع في الإطار ذاته من مواصلة البحث العمودي في سؤال: إلى أي مدى لا يزال الاستشراق الجديد يسهم في صناعة القرار الغربي؟
وفي الجلسة النقاشية الأولى بعنوان “فلسطين في خطاب الاستشراق الغربي والصهيوني” استضافت الإعلامية خديجة بن قنة لقاءً خاصاً مع طارق متري، نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية. الأكاديمي الذي ترافق مساره المعرفي والبحثي مع مسار دبلوماسي وسياسي، تناول في مرور مختصر خطاب الاستشراق الذي له، كما يعبّر، قدر كبير من التنوع، كالسياسي الذي كان يستشرق خدمة لحسابات الاستعمار ومصالحه، والآخر الذي تدفعه مشاعر دينية إلى التعرف إلى ما اصطلحوا تسميته الشرق الأدنى، وهو يعني العالم العربي الإسلامي، وغيرهم العديدون وصولاً إلى من افتتنوا بما روجوا له بوصف “سحر الشرق”. ومتري يدرك ويعلن بين لحظة وأخرى أن كل هذه الخطابات ومرجعياتها قد تأخذ من بعضها البعض، وقد تسيطر نزعة ما خلال فترة صراع أو هيمنة ما.