شام تايمز – متابعة
رحل أمس الاثنين في كندا، أحد أبرز الاقتصاديين الفلسطينيين والعرب، الأكاديمي والباحث الفلسطيني فضل مصطفى النقيب، بعد حياةٍ حافلة بالفكر والنضال الأكاديمي، كرّسها لقضايا التحرّر الوطني والتنمية المستقلة.
وُلد النقيب عام 1940 في مدينة صفد، وهاجر مع عائلته إلى سورية إثر نكبة عام 1948، هناك تلقّى تعليمه المدرسي، وانخرط في سن مبكرة في حركة القوميين العرب، إذ تعرّف إلى الدكتور جورج حبش، ونشِط إلى جانب الشهيد الأديب غسان كنفاني، الذي جمعته به علاقة وثيقة سجلها لاحقاً في كتاب “هكذا تبدأ القصص. هكذا تنتهي”، تناول فيه ثمرة معايشته لكنفاني وباسل الكبيسي، واصفاً إياهما بأنهما شاهدان ومناضلان كبيران في القصّة الفلسطينية.
تخرّج النقيب في الرياضيات من الولايات المتحدة، قبل أن ينتقل إلى كندا ويحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، ليبدأ لاحقاً مسيرته الأكاديمية الطويلة أستاذاً للاقتصاد الرياضي في “جامعة واترلو” الكندية، ويعيّن أستاذاً فخرياً فيها بعد تقاعده.
كان من أوائل الذين انخرطوا في بناء قواعد البحث الاقتصادي في فلسطين بعد قيام السلطة الوطنية، فشارك في تأسيس “معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني” (ماس)، وأشرف على وحدة سياسات المالية العامة، كما أسهم في ترسيخ منهجية الاقتصاد السياسي النقدي، وامتد أثره البحثي ليشمل عمله الاستشاري مع مؤسسات دولية كـ”الأونيدو” و”الأونكتاد”.
عُرف بموقفه النقدي الصارم لـ”اتفاقية أوسلو” و”بروتوكول باريس”، محذّراً من خطورة الاندماج التابع للاقتصاد الفلسطيني في المنظومة الإسرائيلية، وداعياً إلى بناء نظام تجاري مستقل. وكان له دور ريادي في صياغة أولى التحليلات المعمّقة لهذا التوجّه، كما في دراسته التأسيسية الصادرة عن “الأونكتاد” عام 1998.
أغنى الدكتور النقيب المكتبة العربية بعدد من المؤلفات المحورية، منها: “الاقتصاد الإسرائيلي في إطار المشروع الصهيوني” (1995)، الذي تساءل فيه إن كان التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل يمهّد لازدهار مشترك أم لتوسع صهيوني جديد عبر الهيمنة الاقتصادية؛ و”الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع: مشكلات المرحلة الانتقالية وسياسات المستقبل” (1997)، الذي تناول فيه قضايا الوضع النهائي، وواقع الاقتصاد تحت الاحتلال، ومقترحات لمواجهة التحديات البنيوية للتنمية؛ إلى جانب أعمال أخرى مثل: “الصهيونية الاقتصادية”، “الاقتصاد السياسي لصناعة التقنية العالية في إسرائيل”، و”الدفتر المرجعي للاقتصاد الكلي”، فضلاً عن مئات الأبحاث والمقالات المنشورة.