“المستودع المفتوح” في أمستردام

شام تايمز – متابعة

تسعى المؤسسات الفنية في أوروبا خصوصاً، لمراجعة علاقتها بالجمهور، والتوجّه إليه مباشرة من خلال الفن الحرّ، عبر الكشف عن مستودعاتها، وأسرار الحفاظ على الأعمال الفنية، والقيام بأعمال الصيانة والترميم مباشرة أمام الزوّار، ومتحف “كوبرا” للفن الحديث في أمستردام ليس استثناء، وهو الذي يملك منذ تأسيسه أكثر من ألفي عمل فني، يحفظ الجزء الأكبر منها في مستودعاته.

تكمن أهمية “الديبو” في كونها طريقة مزدوجة للعرض والحفظ، حيث تُعرض أعمال فنية ضمن بيئة تحاكي المستودع، لكنها مُصمّمة للعرض، ما يتيح التأمل والمقارنة بين اتجاهات الفنانِين، خاصة أولئك المرتبطين بحركة “كوبرا”، أو مِمَن تأثروا بها لاحقاً من مختلف الثقافات.

يعطي “المستودع المفتوح” فرصة للزوّار لعقد مقارنات متنوّعة، واكتشاف علاقات جديدة؛ يقوم بعرض قسم من مقتنيات مستودعه أمام الجمهور، بطريقة تربط بين أسلوب الحفظ والعرض، كمستودع مفتوح، ليس لتخزين الأعمال الفنية فحسب، بل لعرضها بطريقة تتيح للزوار التفاعل معها خارج القوالب التقليدية للعرض.

يقدّم “المستودع المفتوح” في متحف “كوبرا” الهولندي، جزءاً من هذه المجموعة الضخمة، من أعمال كاريل أبل، أسغر يورن، وكونستانت نويفهيس. لا يُعدّ هذا عرضاً دائماً، بل هو عرض ديناميكي متسلسل ومتغيّر، يتبعه عرض مقتنيات أخرى من التجربة ذاتها في شهر سبتمبر 2025، ما يجعل التجربة تفاعلية ومتاحة للجمهور مباشرة، إذ تكشف  كواليس الحفظ الدقيق بعناصر وأساليب حيوية تحافظ على اللوحات، كما هي الخبرة الهولندية في “المتحف الوطني الهولندي”، إذ تُحفظ الخرائط والوثائق في سراديب مكيّفة خاصة لمقاومة الحرارة والرطوبة والتلف.

تأسس متحف “كوبرا” للفن الحديث في أمستلفين، بالقرب من أمستردام عام 1995، كمؤسسة فنية لحفظ وتقديم أعمال حركة “كوبرا” الفنية الطليعية، التي أثّرت على واقع الفن الهولندي بشكل خاص، كما أسهمت بامتياز في تطلعات الفن العالمي، على الرغم من أنه جرى حلّها رسمياً عام 1951.

اجتمع المؤسسون عام 1948، كي يشكلوا حركة فنية ترفض الأكاديمية والصرامة الكلاسيكية، وتدعو للتعبير الحر العفوي، والرجوع إلى الرسم الفطري، والفن الشعبي، رداً على كارثة الحرب العالمية الثانية، وهم  كاريل أبل، كونستانت نيهوس، كورنييل، كريستيان دوتريمون، وآسر يورغ، وأعلنوا عن تأسيس حركة “COBRA”، وهي اختصار لأسماء  ثلاث مدن هي بروكسل، والدنمارك وأمستردام.

أصبحت حركة “كوبرا” الثورية راسخة في تاريخ الفن الأوروبي. وارتبطت بشكل رئيسي باللوحات الملوّنة والعفوية التي استمرت في التأثير لفترة طويلة.

حافظ المتحف على أرشيف “كوبرا”، وقدّمه إلى المشهد الفني العالمي، وشجّع أجيالاً جديدة من الفنانين على استكشاف التعبيرية والتجريدية، ما عزّز مكانة وأهمية الفن التجريبي الطليعي، وخصوصاً في سياق حركات طليعية رائدة أخرى، مثل السريالية والدادائية، التي تأسست هي الأخرى رافضة للدمار والنتائج التي خلفتها الحرب العالمية الأولى. ولهذا يعتبر متحف كوبرا امتداداً لهذا الإرث الفني العظيم.

يعرض متحف “كوبرا” أوّل معرض شامل (استعادي) لأعمال الفنانة الهولندية دورا توينمان (1926-1979)، عرفاناً لفنانة كبيرة، متعددة الأوجه ومتميزة بأسلوبها الخاص. لم تُقدّر بما يكفي في القرن العشرين. اشتهرت أعمالها بالمناظر الطبيعية التصويرية في مرحلة  مبكرة من حياتها الفنية، التي تبنّت ذلك عن شغف حقيقي كما تقول في مقابلة مصوّرة، وصولاً إلى لوحاتها التجريدية المتأخرة، حيث يتم عرض عدد من أعمالها للمرّة الأولى،.

 

شاهد أيضاً

نشأة حي المهاجرين .. محاضرة بالمنتدى الاجتماعي بدمشق

شام تايمز – متابعة أقيم في المنتدى الاجتماعي بدمشق محاضرة للباحث والمهندس المعماري “أنس تللو، …