شام تايمز – متابعة
رحل مساء أمس الأربعاء، الباحث والناقد الأكاديمي الأردني عبد الفتاح النجار عن عمر ناهز 89 عاماً، بعد رحلة علمية وثقافية امتدت لعقود من العمل في التعليم الجامعي والتأليف والنقد، أسّس خلالها لمسيرة فكرية تركت أثراً في المشهد الثقافي الأردني.
وُلد النجار في بلدة الفالوجة الفلسطينية عام 1936، وانتقل لاحقاً إلى الأردن، حيث واصل مسيرته التعليمية حتى حصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية، ثم نال دكتوراه أُخرى في النقد الأدبي الحديث، ليجمع بذلك بين التكوين اللغوي العميق والرؤية النقدية المنهجية، وهو ما انعكس على أعماله ومقاربته للنصوص الأدبية.
خلال مسيرته الأكاديمية والنقدية، ركّز النجار على تحليل تطورات الشعر العربي الحديث، وساهم في توثيق مسيرة التجديد الشعري في الأردن خاصة. تناول في كتابه “تيسير سبول شاعراً مجدداً” (1993) تجربة الشاعر الأردني (1939 – 1973) بوصفه أحد أوائل من كتبوا الشعر الحر في الأردن، في وقتٍ كان فيه هذا النمط يُعد خروجاً على التقاليد، ودرس أثر تلك المغامرة الأدبية على المشهد الشعري الأردني.
كما أصدر عبد الفتاح النجار كتاب “حركة الشعر الحر في الأردن 1979 – 1992” (1998)، الذي تناول فيه نشوء تيارات حداثية جديدة، وأشار إلى تنامي قصيدة النثر في تلك الفترة، وما أحدثته من إرباك لدى القرّاء والنقاد بسبب تقاطعها مع الشعر الحر الموزون. وفي كتابه “إشكالية العلاقة بين الشاعر والسلطة – مصطفى وهبي التل (عرار) نموذجاً” (2014)، قدّم قراءة معمقة في العلاقة المتوترة بين عرار (1899 – 1949) والسلطات السياسية، مسلطاً الضوء على الجانب الثوري من شخصيته، وسعيه لتحرّر وطنه.
ومن أبرز مؤلّفات النجار الأُخرى: “الاتجاهات النقدية لنقد الشعر العربي المعاصر 1950 – 1980″ (1992)، حيث وثّق فيه التحولات النقدية خلال ثلاثين عاماً محددة بأقطار بلاد الشام الأربعة، و”عبد الله منصور.. إنساناً وشاعراً” (2010)، و”الالتزام الوطني والقومي في الشعر” (2018)، الذي تناول فيه التفاعل بين النص الشعري والواقع القومي العربي.
وشارك عبد الفتاح النجار في تطوير المناهج التربوية الأردنية، حيث أنجز ستة عشر مشروعاً تربوياً في مجالي اللغة العربية والتربية الإسلامية لصالح وزارة التربية والتعليم، كما شغل الراحل عدة مناصب تعليمية، بدءاً من عمله معلّماً في المدارس الأردنية، وصولًا إلى عمله الأكاديمي في جامعات اليرموك وإربد وجرش وغيرها.
وكان النجار عضواً نشطاً في الهيئات الأدبية والثقافية، مثل رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وشارك في العديد من المؤتمرات المتخصصة.