صدر حديثا ..”أم كلثوم والأتراك” لمراد أوزيلدريم

شام تايمز – متابعة

صدر مؤخّراً عن دار مرفأ للثقافة والنشر كتاب “أم كلثوم والأتراك” للباحث والناقد الموسيقي التركي مراد أوزيلدريم، بترجمة مشتركة إلى العربية قام بها كلٌّ من أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير.

لا يقدّم الكتاب دراسة عن شعب أحبَّ صوت أم كلثوم، بل يفتح سؤالاً أعمق عن الذاكرة والحنين والهوية، وعن الكيفية التي يُمكن بها للفن أن يتجاوز كونه متعة جمالية ليصير شكلاً من أشكال الارتباط العاطفي العميق بالماضي، أو حتى بالمقموع. هو قراءة في المشاعر المتوارية تحت الصوت، وفي طبقات السمع التي تُخفي أكثر مما تُظهر. في بلد شهد قطيعة حادة مع ماضيه الشرقي، بدا أن صوت أم كلثوم لم يكن مجرد موروث فني، بل استمرار لما حاولت الدولة قطعه من الداخل.

ينقسم الكتاب إلى فصول تُمهّد للخلفية الثقافية والتاريخية للعلاقات العربية التركية، ثم ينتقل إلى توثيق شكل حضور أم كلثوم في تركيا عبر الإذاعة، والسينما، والصحافة، والأسطوانات. لاحقاً، يتوسّع ليعرض شهادات من أتراك استقر صوتها في ذاكراتهم، لا بوصفها فنانة عربية فقط، بل امتداداً لشيء شرقي داخلهم لم تعد تسمح به اللغة السياسية الرسمية. يعكس هذا التدرج في الفصول بنية تصاعدية في الحجة: من التأريخ إلى الوجدان، ومن العلن إلى الداخل.

وقد أشار أوزيلدريم إلى أن صوت أم كلثوم ظل راسخاً في الذاكرة التركية حتى لدى من لم يفهموا كلماتها، لأن “في صوتها طاقة طربية تستثير الشعور وتبعث الانتماء”، ولأن “شيئاً منها لا يزال في ذاكرة كثير من الأتراك الأكبر سنّاً”. تتجسد هذه العلاقة الحميمة في الشهادات التي نقلها المؤلف، مثل رواية أحد الطلاب في إسطنبول عن زميله الذي كان يبحث ليلاً عن إذاعة القاهرة ليستمع إلى أم كلثوم، طالباً من رفاقه الصمت احتراماً للصوت. لم تكن هذه مجرد عادة، بل فعل شعوري سيادي، يُمارس في الخفاء ليبقي ما حُظر في العلن. في عالم تُفرض فيه نماذج موحّدة للذوق والانتماء، يصبح الاستماع اختيارًا حرًّا، ووسيلة لحيازة ما سُلب. وهكذا، لم يكن صوت أم كلثوم تكراراً لماضٍ منتهٍ، بل هو أثر يُستعاد، وهوية باطنة تبحث عن صيغة للبقاء وسط عالم يعيد تعريف كل ما يُسمع وما لا يُسمع.

 

 

شاهد أيضاً

الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز.. كتاب “أربعة من أيداهو”

شام تايمز – متابعة يضم قائمة الأكثر مبيعا في نيويورك تايمز، كتاب يسرد تفاصيل جرائم …