شام تايمز – متابعة
أثارت نتائج “جائزة المغرب للكتاب” المُعلن عنها الكثير من الأسئلة حول حقيقة تمثيلها للمشهد الثقافي المغربي. ومن أكبر علامات الاستفهام التي طرحتها النتائج كانت حول حجب ثلاث جوائز دفعة واحدة في مجالات مهمة ينشط فيها الفعل الثقافي بشكلٍ واضح، كمّاً وكيفاً، وبقرار من لجنة تحكيم ترأستها الأكاديمية رحمة بورقية ولجان فرعية كانت على الشكل التالي: وفاء العمراني (الشعر)، وأحمد بلاطي (السرد)، وعبد الإله بنمليح (العلوم الإنسانية)، ومحمد عبد ربي (العلوم الاجتماعية)، وعزيز لمتاوي (الترجمة)، وعز الدين الشنتوف (الدراسات الأدبية واللغوية والفنية)، ورشيد لعبدلوي (الأدب والدراسات الأمازيغية)، ومحمد سوسان (أدب الأطفال واليافعين). شمل هذا الحجب فئة الدراسات الأدبية والفنية واللغوية، والتي رُشِّح لجائزتها ستة عشر عنواناً لم يلق أيٌّ منها أي استحقاق.
الأمر نفسه ينطبق تماماً على مجال العلوم الاجتماعية، حيث قُدمت عشرة أعمال لم يَزِنْ كتابٌ واحد منها قيمة الجائزة، في الوقت الذي ما يزال فيه أثر تتويج عدد من الباحثين المغاربة بجوائز خارج البلاد يعمّق حالة من نشوة الإنجاز لدى الوسط الثقافي المغربي، آخرها “جائزة الدوحة للكتاب العربي” الخاصة بالعلوم الإنسانية، التي كان قد أشاد مديرها التنفيذي عبد الواحد العلمي بالتميّز الذي حقّقه الفائزون المغاربة، ممّا يعكس جودة أبحاثهم ومصداقية أعمالهم الأكاديمية.
إن حجب ثلاث جوائز هو حدث غير مسبوق غطى على باقي النتائج كما أثار استغراب المثقفين. لكن ما لفت الانتباه أيضاً هو النزر القليل من المؤلّفات التي وضعت في قائمة الترشيح. فمجموع مؤلفات فئة الأدب الموجّه إلى الأطفال واليافعين، على سبيل المثال لا الحصر، لا يتعدّى عدد أصابع اليد. ربّما كان حجب الجائزة عنها مُقنعاً لهذا السبب، لكن ما لم يكن مقنعاً أبداً هو أن تُمنح جائزة الدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية لعمل واحد لم يُقدّم إلى جانبه أيّ كتاب آخر لينافسه على الجائزة، ممّا يطرح من جديد ضعف الحضور والتمثيلية، حيث ما يزال وضع الأمازيغية، أدباً وبحثاً، يراوح مكانه دون أيّ تغيير. يُستثنى من ذلك مجال السرد الذي كان فيه عدد الكتب المشاركة معقولاً إلى حدٍّ ما، إذ بلغ أربعة وعشرين كتاباً فازت منها رواية “حساء بمذاق الورد” لسعيد منتسب. أما باقي فئات الجائزة فقد عانت من قلّة المشاركات.
وإذا كانت جائزة السرد قد نالت استحساناً بالنظر إلى قوة الرواية وكاتبها، واستُبعدت من هذا الصخب، فإنّ جائزة الشعر لم تسلم من مطب المناصفة الذي سبق أن أثار مشكلات مع وزارة الثقافة. فمن سبعة أعمال مرشّحة في فئة الشّعر، مُنحت الجائزة مناصفة لكلٍّ من الشاعر إدريس الملياني عن ديوانه “غمة الكمامة”، والشاعر محمد عزيز لحصيني عن ديوانه “كغيوم تحت القناطر”. وفي فئة العلوم الإنسانية، مُنحت الجائزة مناصفة أيضاً لكلٍّ من الباحثين: هشام الركيك عن كتابه “الملاح فضاء وعمران من وحي عقد الذمة” وسمير أيت أومغار عن مؤلَّفه “الماء والمدينة بشمال أفريقيا في العهد الروماني”؛ وهما كتابان من أصل تسعة أعمال مُرشَّحة.