الأمن القومي العربي

من يحميه، من يديره، من يدرك معانيه يختص بمن، بالقومي العربي أم بالعربي القطري، أم بالعربي الممانع، أم المعتدل، وما الفرق بينهم، من هم القوميون العرب، وما معنى أن يكون العرب قوماً، أي قوامون، أسياد بين المجتمعات العالمية، وما معنى العرب اليوم بدون قومية،

 

من يحمل الهمَّ القومي بين العرب، ويسعى للحفاظ على أمنهم ووحدتهم ووحدة لغتهم، ويخاف على تاريخهم الإنساني وإيمانهم الحقيقي لا الوهمي، وأرضهم من المحيط إلى الخليج، ومن طوروس إلى بحر العرب جنوباً،

 

من ذاك الذي يخاف على مصيرهم المشترك، من يراقب تآكل لغتهم وتقوقعها على ذاتها أمام ظهور الأمازيغية في شمال إفريقيا، وعودة النوبية الفرعونية في مصر، والإفريقية في جنوب السودان، والكردية في شمال العراق وجواره؟،

 

من يخاف مرة ثانية وثالثة على هذه الأمة؛ والكيان الصهيوني المنغرس في فلسطين تحت ما يسمى ( دولة إسرائيل )، هذا الكيان النووي الذي أخذ جلُّ العرب ظاهراً وباطناً الاعتراف به وبوجوده كقوة داعمة وحامية له باستثناء الندرة التي تعمل على إفشال مزاعم هذه القوة، ومن يدعمها في المنطقة؟.

 

طبعاً الكلّ يعلم ويعرف في جوهره من هو ذاك الفصيل الذي يقاوم هذه القوة الغاشمة وداعميها، وكلما حاولوا إظهار عقد الاجتماع يخرج لهم ذاك الفصيل المقاوم لمشاريعهم وخططهم وأحلامهم ليفرط لهم عقد الاعتدال ( الارتماء )،

 

هل تريدون مني أن أُفصح أكثر للأسف، كما يؤسفني أن أقول أن من يدّعي الاعتدال لا يؤمن لا بالعروبة ولا بقوميتها ولا بالأمة العربية؛ طالما أن هناك سيطرة واحتلالاً واغتصاباً، لدي شعور بأن عقدة المنشار تكمن في سورية والمقاومة العربية الحقيقية،

 

ولولا هذه الثنائية التي تسكنها ثلاثية عربية مضافاً إليها إيران وتركيا لتغدو خماسية، ورقم خمسة يعني القبضة بكون أصابع اليد خمسة تقبض على الأشياء من قوة اتحاد أناملها اللطيفة التي تنتمي لليد، تمسك الحديد تضرب به من حكمة الحق الإنساني، فتفرط ذلك العقد الذي يعتقد أن الأمن القومي العربي يمكن أن يتحقق بالتحالف مع هذا الكيان الصهيوني النووي، حيث يغدو كقوة مقابل قوة التحالف السوري التركي الإيراني، إضافة للمقاومة العربية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية.

 

الأمن القومي العربي يجب أن يتخذ مساراً واضحاً إذا أراد أن يكون حقيقة لا وهماً، فالمكان والزمان يداهم هذا المشروع الذي يتصدى له ولحمايته المقاومون الحقيقيون والأصدقاء الشرفاء،

 

فتركيا التي أدركت أن خيارها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني عربي آسيوي لا أوربي ولا أمريكي وهما اللذان يلعبان بأوراق إذلال ليس تركيا فقط بل العالم الثالث الذي يعتبرها منهم، كما يعتبر إيران أيضاً ضمن دائرة حظر التقدم التقني والعلمي والنووي السلمي، حيث يمنع العالم العربي من كل ذلك.

 

إذاً أين هو الأمن القومي العربي؟. النظرية الأمنية الصهيونية الأمريكية تقول بأن لا حصول لذلك، أي لا يتوفر الأمن القومي العربي إلا إذا اتحد مع الصهيونية الأمريكية تجاه القوة النووية الإيرانية القادمة كمشروع حقيقي في المنطقة،

 

حيث تخلق القوى الأمريكية الأوروبية الصهيونية بالتعاون مع صقور البيت الأبيض وسيده أوباما الأبيض- الذي تحدثت عنه وأعلنت أن لن يكون له ولا بيده أية سلطة، بكونه راكباً من ركاب السكة الحديدية الأمريكية التي قاربت على الانتهاء آجلاً بحكم الضعف الاقتصادي والاجتماعي، والجهل التاريخي لمسيرة التاريخ لا التأريخ ،

 

فمنه نجد أن من يطالب بالأمن العربي الصهيوني ويتوهّم بأن النووي الصهيوني اليهودي سيحمي العرب هو في خسران، أي أن جلّ العرب سيخسرون حقيقةً جوهر أمتهم من خلال التحاقهم بالمشروع الصهيوني الأمريكي الأنجليكاني .

 

أيّ أمن قومي عربي تعملون عليه أيها العرب، أين أنتم من هذا المشروع، أين أنتم من فكر الأمن القومي العربي؟، وكل يغنّي على ليلاه منبطحاً وزاحفاً ومتسلقاً على جدران الصهيونية الأمريكية؛ دون الندرة التي تعمل على إفشال ذاك المشروع الصهيوني الأمريكي، والذي كلما أضيئت له الأنوار تطفئها نيران حقيقة المواقف المقاومة والمناهضة لما يسمى “الاعتدال”، وفي حقيقته الانهزام.

 

لقد وصلت تركيا إلى تلك الحقيقة بعد أن عانت ما عانت من غاية التحاقها بالمشروع الأوروبي الوحدوي، وفي الناتج تفهّمت لغة الغرب الرافض لها، كما فهمت إيران ذلك الصراع الخطير مع الغرب، وعرفت أن وجودها في الشرق حقيقة، ولذلك التقت معه من خلال الإيمان بالواقع المحتوم.

 

إن الشرق شرق، والغرب غرب، والشمال شمال، وإن طرح مشروع لغة القبضة وأقصد البحار الخمسة ( قزوين- الأسود الأبيض- الأحمر- وبحر الخليج الذي يزوّد العالم أجمع بما يقرب من ستين بالمئة من شرايين حياته الاقتصادية) والذي طرحته سورية بتعاون مع تركيا وإيران وأذربيجان هذا المربع الذي ينتظر اكتمال  عقد قبضته بانضمام دول مجلس التعاون الخليجي حيث تتشكل من خلاله وبه الحماية الحقيقية للأمن القومي العربي والإقليمي والعالمي، ومعه وبه ننتصر وينتصر كلُّ شرفاء العرب والعالم.

 

د.نبيل طعمة

شاهد أيضاً

استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة …