استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة للتوظيف لحظة إرادة إيقاظها أو تفعيلها، والحاجة دائماً تدعو لاستيراد الحلول، لماذا هم في عالم الشمال – من طوكيو مروراً بروسيا وأوربا وصولاً إلى كندا وأمريكا- لا يستوردون الحلول، فممن يستوردون، وهم المصدرون لكل شيء؟!،

طبعاً هم يستوردون البشر من الجنوب من أجل تحويلهم إلى أدوات للأزمات، يصنعونهم ليعيدوا تصديرهم إلى مناطقهم وجغرافياتهم، حيث يتحولون إلى بؤر خاملة وخامدة ونائمة، تعيش في الظل وتحت الرماد، حينما تهبُّ الرياح الغربية والشمالية تشتعل، وتُشعل محيطها المحتاج لاستيراد الحلول لهذه الأزمات.

يتداعى المعاين للأزمة مع فريقه الحامل لسِمة الأممي، والمبرمَج طبعاً من عالم الشمال، “حتى وإن كان من عالم الجنوب إفريقياً آسيوياً أمريكياً من الجنوب” إلى قصعة الأزمة كما يتداعى الفَراش حول النور في محيط الظلمة، يدرس، ينسج، يحلل، يجتهد، يرسم المواقع، يرفع تقريره المحمي أممياً، تُشكَّل اللجان بناءً عليه، وتتهيأ المحاكم، وتتجهّز القوى تحت فصول البند السابع، ترسل الطلبات إلى مناطق الأزمات الممتلئة بالتعليمات بصيغ الأوامر لتجهيز المطلوب منها وإلا ..؟؟!!

أي: تستخدم الأزمات بحسب ما يستفيده عالم الشمال، وحيث تحقق له غايته في استمرار حياته ومعيشته، ومصيره القائم دائماً وأبداً على ابتزاز واستثمار عالم الجنوب.

حينما تنشأ كارثة طبيعية- زلزال سبع درجات فما فوق- مثلاً أو فيضان (تسونامي) لا يتدخل الإله بمعالجتها أو تقديم الحلول لها؛ بل يتدخل البشر، وهذا أمر طبيعي، أما الاصطناعي والمستغرب، هو أن ينشئ الإنسان أزمة ما ويمتلك كافة محاورها، ولا يقدر أن يحلّها بذاته، فيقوم باستيراد الحلول لها، وهنا تكمن الطامة الكبرى،

فعالم الجنوب أو دول العالم الثالث في مجملها تستورد كل شيء من عالم الشمال أو العالم الأول، وإذا صنّعت فتصنيعها تقليد، وأدواته في مجملها مستوردة بما فيها المكونات الرئيسة لمنتجها التقليدي، على الرغم من أنها تمتلك مناجم كل شيء، وبما أنها مرة ثانية تستورد كل شيء فأزماتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية تحتاج إلى الحلول المستوردة، لماذا حالتها هي هكذا ؟

حتى سلاحها الذي تتقاتل به وتنشأ الحروب من أجله، تستورده بإرادة منها أو بدون، لماذا الدول السبع زائد واحد أي الثماني تمتلك أمرَ (قِفْ)؟ وتوقف دول العالم الثالث أجمع على قدم واحدة، تتدخل في أي منها لحظة وقوع حدث ما، فهي لا تحتاج لطلب التدخل، تتخذ الأوامر التي تفرضها بقوة سلطانها بشكل مباشر أو غير مباشر، تحت سلطة الأمم المتحدة التي لا تديرها فقط؛ بل تقبض على مساراتها، وتسيِّر شؤون جميع منظماتها، لماذا مرة ثانية؟

لا يستورد عالم الشمال الحلول لمشاكله/ لماذا مرة ثالثة؟ حينما تنشأ لديه مشاكل يصدِّرها ويعزو أسبابها إلى دول عالم الجنوب أو الثالث؟.

طبعاً، التخلف، الجهل، التأخر، عدم استيعاب العلم، هي السِّمات الروحية التي تسيطر على عقول مجتمعات العالم الثالث، واتهامه بعدم القدرة على إنتاج العلم والتفاعل معه، على الرغم من امتلاكه كما ذكرنا لكامل المواد الأولية (الخامات)، وأيضاً الطاقات البشرية الهائلة.

ماذا يحصل لو رفضت دولة ما من دول عالم الجنوب استيراد الحلول؟ الجواب حصار اقتصادي سياسي، تشجيع التآمر في داخل تلك الدولة، والضغط عليها بكل الوسائل، فرض العقوبات الجنائية على مواطنيها المخلصين، ومن ثم تقسيم المجتمع بين مؤيد ومعارض؛

بمعنى أدق بين مع وضد، وبالتأكيد عالم الشمال دائماً مع الضدِّ الذي يمثل مصالحه، ويسهم في إيصالها إليه بأسهل السبل، سؤال أخير أدعه بين أيديكم: لماذا يتم استيراد الحلول؟ ومتى سنتخلّص من الاستيراد بشكل عام؛ مع إيماننا بأن الحاجة الإنسانية المنطقية في التواصل والتكامل مع الآخر الإيجابي لا السلبي، هي دعوة لإعمال التفكر في العقل الوطني.

د.نبيل طعمة

 

شاهد أيضاً

الأسرة والعائلة

قادمة من الأسر بمعناه الجميل، فأسره الشيء أي: جذبه إليه، لينحصر معه، ويتخصّص به وله، …