من الميزة النسبية إلى التنافسية

في عالم اليوم عالم الانفتاح والتحرير والثورة التقنية والمعلوماتية لم يعد لمفهوم الميزة النسبية الذي يعتمد على (الموارد الطبيعية واليد العاملة) الأثر الأكبر الذي كان يلعبه سابقاً مقابل الميزة التنافسية التي تعنى إنتاجية أكبر واستخدام أمثل للموارد البشرية والرأسمالية والمعرفية.

اعتمد مبدأ الميزة النسبية على ما وضعته المدرسة الكلاسيكية في الاقتصاد (آدم سميث وريكاردو) وما تلاها من أفكار (مانويل) وتفسيراته في التبادل اللامتكافئ ومن ثم ما طوره (هكشر- وأواين) في المدرسة الحديثة للتجارة الخارجية والمتمثلة في أنه في ظروف حرية التجارة الدولية سوف يتخصص أي بلد في إنتاج السلع التي تكون تكاليفها أقل من مثيلاتها في بقية الدول ويستورد السلع التي لا يمتلك فيها ميزة نسبية في إنتاجها أو زراعتها.

إلا أن التطورات الاقتصادية المتسارعة وبخاصة في مجال الثورة التكنولوجية والمعلوماتية الهائلة والإنفتاح التجاري وسهولة انتقال عوامل الإنتاج والمعلومات بفضل ثورة الاتصالات والمواصلات وانخفاض تكلفتها أدت إلى تطور تلك المفاهيم لتركز على المعرفة والخبرة والمهارات الفنية والابتكارات التكنولوجية والتي أعطت نقطة الانطلاق لما أصبح يعرف بالميزة التنافسية.

يمكن تلخيص هذا المفهوم الجديد بأنه مجموعة المهارات والتكنولوجيات والموارد والقدرات التي تستطيع الإدارة تنسيقها واستثمارها لتحقيق درجات أعلى من الكفاءة والإنتاجية والجودة.

لقد حدد الاقتصادي مايكل بورتر من جامعة هارفارد صاحب نظرية الميزة التنافسية مجموعة من العوامل المحددة لهذه الميزة معتمداً على الأسس الجزئية للاقتصاد micro والتي يمكن تلخيصها بأربع نقاط رئيسية:

  • ظروف عوامل الإنتاج ومدى توفرها.
  • ظروف الطلب من حيث حجمه وأهميته وتأثيراته وأنماطه.
  • وضع الصناعات المرتبطة والسائدة لذلك النشاط ودرجة تواجدها وتطورها.
  • الوضع الاستراتيجي والتنافسي للمؤسسة من حيث وجود البيئة الاستثمارية والتجارية والتشريعية المعززة للقدرة التنافسية.

لقد تبين من التطورات الاقتصادية المتلاحقة أن امتلاك الميزة النسبية في مجالات الإنتاج المختلفة لا يكفي لوحده رغم أهميته لتحقيق معدلات نمو أكبر من التفوق والمنافسة والنجاح ولابد من العمل على تحويل تلك الميزات إلى ميزات تنافسية تستطيع رفع القدرة التنافسية للسلع والخدمات المنتجة أو المصدرة وتحقيق معدلات أعلى من الكفاءة والريعية.

وقد توضح ذلك من خلال محددات القدرة التنافسية والمتمثلة بخفض تكاليف الإنتاج وتحقيق أعلى درجات الجودة والاستفادة من التطورات العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية وتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية والضريبية الملائمة لجو العمل الاقتصادي وهو التحول المطلوب انجازه لضمان تعظيم العوائد الاقتصادية للميزات النسبية في سورية وتحويلها إلى تنافسية في المرحلة القادمة لما بعد الأزمة.

                                                          

كتبه: د. عامر خربوطلي

شاهد أيضاً

عنق الزجاجة

بلغة بسيطة يفهمها الجميع المطلوب من الاقتصاد السوري أن يخرج من عنق الزجاجة التي دخل …