مستويات التعامل بالتسويق الخارجي

عادةً ما تتعدد مستويات تعامل المنشآت والشركات في عملية التسويق الخارجي حسب قوة هذا التعامل واستمراريته والهدف منه والدافع إليه. وتتدرج هذه المستويات في ثلاثة رئيسية هي:-

المستوى الأول: عنده لا تقوم المنشأة بأي جهد إيجابي للبحث عن عملاء لها خارج السوق المحلية، ومع ذلك فقد تبيع بعض منتجاتها لعملاء أجانب يسعون إليها بأنفسهم، أو قد يتمكن احد الموزعين المحليين من البيع للخارج دون علم المنشأة المنتجة أو بعلمها.

المستوى الثاني: قد تجد المنشأة لديها فائضاً في الإنتاج، فتلجأ إلى محاولة تصريفه في الأسواق الخارجية في صورة صفقات عارضة وغير منتظمة، وهنا لا تتوفر النية للاستمرار في التسويق الخارجي، لأنه إذا زاد الطلب المحلي بحيث يستوعب الفائض فإن المنشأة ستنسحب من السوق الخارجي.

المستوى الثالث: القيام باختراق السوق الخارجية من خلال خطة تصدير شاملة ورؤية مستقبلية واضحة الأهداف.

إن عملية التسويق الخارجي غالباً ما تكون صعبة وغير متوقعة النتائج وبطيئة ومكلفة ولكن فوائدها النهائية قد تكون عظيمة، وليس من قبيل الصدفة أن الجزء الأكبر من صادرات الدول الغربية يقوم به عدد صغير جداً من الشركات الكبرى لأن هذه الشركات هي التي لديها المهارات والدافع- بالإضافة إلى الموارد اللازمة للإقدام على الاستثمار الصعب في أسواق التصدير وانتظار العائد لفترة قد تطول سنوات – وهو أمر في غاية الصعوبة بالنسبة لأفضل الشركات الصغيرة في العالم. ولكن ليس هناك شك في قدرة الشركات الصغيرة في حال توحيد هدفها بشكل منتظم ومستمر على ولوج الأسواق الخارجية.

إن التسويق الخارجي يكتنفه عوامل عديدة ومنها ما هو ثقافي أو شديد المحلية فمثلاً (الشعب الإسباني يفضل شراء كل ما هو أسباني، والفرنسيون يفضلون كل ما هو فرنسي، والألمان كل ما هو ألماني، فهناك حواجز خفية تواجه المصدر) .

وتعمل الحكومات في مختلف أنحاء العالم على تشجيع الشركات الصغيرة على التصدير عن طريق بعض أشكال الحوافز- من أبحاث السوق المجانية ومهمات البيع المدعومة وفترات الإعفاء من الضرائب والرسوم وصفقات العملات وضمانات التصدير وغيرها.

وهناك أسلوب آخر متبع في هذا المجال يقوم على الإيثار بدلاً من المكافأة، بأن تقوم إحدى الشركات الكبرى بتبني شركات أصغر وبيع منتجاتها في الخارج والتكفل بكل إجراءات التصدير نيابة عنها.

كما يمكن أن تقوم الشركات بتوحيد بعض مهام التصدير بها من خلال تحالفات وتجمعات وذلك لخفض التكاليف وتقليل نسبة المخاطرة، ولكن مثل هذه الاتحادات أو الجمعيات (وهي عديدة) قد يهزمها نجاحها، فإذا حقق أحد أفرادها نجاحاً مرموقاً فقد يشعر الأعضاء الآخرون بأن منتجات أو خدمات هذا العضو تتمتع بقدر أكبر من الاهتمام والدعاية على حساب منتجاتهم هم، وسرعان ما يقرر “الخاسرون” أنهم ليسوا على استعداد للمساهمة في زيادة مبيعات الشركات الأخرى فتتراجع الحماسة السابقة.

يمكن القول إن الخدمات التي أصبحت تقدمها المنظمات الداعمة للأعمال ومنها غرف التجارة والصناعة واتحادات المصدرين وهيئات ترويج الصادرات تعتبر نموذجاً مهماً لسورية لتقديم ما يماثل تلك الخدمات الجماعية للشركات الراغبة بالتحول نحو التسويق الخارجي من خلال (دراسات ومعلومات الأسواق الخارجية والمعارض والوفود والاستشارات والتدريب….) وهي في مجملها تشكل عوامل مهمة ولكنها غير كافية لوحدها في تعزيز نشاطات الشركات الراغبة في ولوج الأسواق الخارجية لأنها في النهاية تعتمد على جهود ذاتيه كبيرة ورؤية وخطة شاملة من قبل هذه الشركات وعندها يصبح التصدير فعلاً رهان المستقبل السوري ومشاركة فعلية وعملية للقطاع الخاص لتحقيق الانتعاش الاقتصادي المطلوب لسورية لما بعد الأزمة.

                                                            

كتبه: د. عامر خربوطلي

شاهد أيضاً

عنق الزجاجة

بلغة بسيطة يفهمها الجميع المطلوب من الاقتصاد السوري أن يخرج من عنق الزجاجة التي دخل …