بلغة بسيطة يفهمها الجميع المطلوب من الاقتصاد السوري أن يخرج من عنق الزجاجة التي دخل بها مع بدء التعافي وانتهاء الأزمة وأدت لتفاقم حالة اقتصادية متناقضة وغريبة في آن معاً وهي ما يُعرف مصطلحاً (بالركود التضخمي) فالتضخم الذي نجم عنه ارتفاع الأسعار يصاحبه عادةً انتعاش وزيادة في المبيعات إلا أنه وفي الحالة السورية صاحب ارتفاع الأسعار ضعفاً شديداً في مبيعات أغلب السلع ولم يقتصر ذلك على السلع غير الأساسية أو الكمالية بل طال أيضاً العديد من السلع الأساسية وحتى الغذائية منها وأصبح هناك قائمة أولويات قاسية لدى أغلب الأفراد والغريب أن الكتلة النقدية المتداولة والتي فاقت احتياجات الكتلة السلعية لم تكن في مستوى التوزيع المتوازن بين الطبقات الاجتماعية التي ازدادت فيها مستويات خط الفقر على حساب الطبقة الوسطى التي غالباً ما تكون المنفق الأساسي على السلع والخدمات في الأسواق مما أدى لدخول غالبية الأسواق في حالة جمود شديدة لم تشهده الأسواق السورية من قبل.
وبلغة بسيطة أيضاً يتمثل الحل في هذه المرحلة بزيادة دخول أصحاب الطبقات المتوسطة أولاً لتشجيعها على الإنفاق والادخار وبدء الاستثمار في مشروعات صغيرة مدّرة للدخل وقادرة على استيعاب عمالة الطبقات الفقيرة والمعدمة واستيعاب أصحاب المهن والحرف في مشروعات ذات قيم مضافة أكبر.
أما ارتفاع الأسعار فهو كابح إذا كان مرتفعاً ومفاجئاً لأغلب الأعمال ومرهقاً للدخول وهنا تكمن الحاجة في اتخاذ إجراءات التحكم بالكتلة النقدية والتركيز على الموارد الحقيقية وتقليل الاعتماد على التمويل بالعجز وجعله آخر الحلول وليس أولها وأسهلها ولكن ما هي هذه الموارد الحقيقية والوسائل الكفيلة بالخروج من عنق الزجاجة لنتحدث عن بعضها مثلاً:
– ضرائب خفيفة ولكنها حقيقية على جميع شرائح أصحاب الدخول والبحث عن جميع المطارح الضريبية غير المعلنة.
– الاستفادة من ثروات تمتلكها سورية وغير مستثمرة منها الطاقات المتجددة والأراضي الشاسعة غير المستثمرة.
– تصنيع بدائل المستوردات أمر مهم على المستوى قريب الأجل كونه يخفف من فاتورة الاستيراد ونزيف القطع الأجنبي ولكنه ينبغي أن يتحول إلى تصنيع تنافسي قابل للتصدير للأسواق الخارجية على المستوى المتوسط والبعيد.
– مكافحة جميع أشكال الهدر والفساد وتحسين أداء وكفاءة المؤسسات العامة لتكون رافداً للاقتصاد لا عبئاً عليه.
– ضرورة الاعتماد على تشريعات وإجراءات متطورة ومرنة وقابلة للتعايش مع ظروف الأسواق وأوضاع الاقتصاد المحلي.
– الاستفادة من كل مورد محلي متاح على الأرض السورية وتحويله لميزة تنافسية وخلق أكبر قيم مضافة منه والأمثلة الجغرافية والمادية والزراعية والصناعية والخدمية أكثر من أن تُعد وتحصى.
– العبور الآمن للاقتصاد السوري نحو اقتصاد سوق تنافسي يعتمد التنمية المستدامة وتنتقي فيه جميع مراكز الاحتكار وعناصر المركزية المرهقة.
– اعتماد سورية كفضاء حر لتوطين المشروعات الاستثمارية الصغيرة والتي تتمتع بظروف عمل آمنة ومربحة ومفتوحة وحدود دنيا من الضرائب والجمارك والرسوم.
– الضرائب وسيلة لتحقيق غايات وليست غاية بحد ذاتها فإذا انتفت الغاية فلا معنى لها وعند تدني الدخل الفردي لأقل من الحد الأدنى للمعيشة عندها تكون للضريبة آثاراً سلبية على صعيد الاستهلاك والادخار والدخل القومي.
– ضبط المنافذ الجمركية وتعديل التعرفات الجمركية لتناسب مع أولويات الاستهلاك وتوفر الإنتاج المحلي.
إنها مجموعة من الطروحات الاقتصادية بلغة بسيطة لعلها تكون وصفة اقتصادية جديرة بالاهتمام.
كتبه: د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية