هو فرع حديث من فروع علم الاقتصاد حيث يبحث عن كيفية تطبيق أدوات علم الاقتصاد على قضايا الرعاية الصحية، وتوضيح جوانبها المختلفة بحيث تصبح أكثر قابلية للتحليل ويقدم علم الاقتصاد معاييراً لتحديد ما إذا كانت سياسات معينة تزيد أو تخفض الكفاءة الاقتصادية وعدالة توزيع خدمات الرعاية الصحية.
إذاً هذا الموضوع يبدو من أهم المواضيع على المستوى العالمي والمحلي وبخاصة بعد وصول جائحة (كورونا) لحدود غير مسبوقة وتداعيات ذلك على المنظومة الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
لا يستطيع التحليل الاقتصادي معالجة كل ما يهم المهنيين الصحيين وعامة الناس بالنسبة للرعاية الصحية- فالمشكلات المختلفة تتطلب تدريباً وخبرة تحليلية مختلفة – أما ما يلائم التحليل الاقتصادي بصفة خاصة فهي المشكلات المتعلقة بقضايا الندرة ومن هذه الناحية يمكن لعلم الاقتصاد توضيح الاختيارات الأفضل للمجتمع عندما تكون موارده المتاحة غير كافية لتحقيق كل رغباته، فالموارد المتاحة دائماً غير كافية في كل المجتمعات وذلك لشدة المنافسة عليها بين استخداماتها المختلفة كالتعليم والرعاية الصحية والأمن والدفاع والمواصلات …الخ.
وهناك عدة افتراضات خاصة بخدمات الرعاية الصحية تجعلها مختلفة عن الخدمات الأخرى وكأمثلة على ذلك نذكر منها:
• شح المعلومات لدى المستهلكين، فالمستهلك للخدمات الصحية لا يعرف مشكلته الصحية ولا كيفية معالجتها.
• عدم التأكد من النفقات الطبية التي قد يتكبدها المريض أو الجهات الصحية العامة أو الخاصة.
• عدم التأكد من نتيجة العلاج.
• الدور المزدوج للطبيب كوكيل عن المريض وكعارض للخدمة مما يجعله يمثل الطلب والعرض في آن واحد.
• وجود عدد كبير من المنشآت الطبية (غير ربحية) وتحدد أسعار خدماتها على أساس التكلفة فقط.
• قيود الدخول في المهن الطبية وفي الأعمال التي يقوم بها مختلف المهنيين الصحيين.
• رغبة المجتمع في حصول كل أفراده على الحد الأدنى من الرعاية الصحية.
بالرغم من أن بعض هذه الافتراضات توجد في قطاعات أخرى، إلا أن وجودها مجتمعة في الرعاية الصحية تجعل منها قطاعاً متفرداً.
حيث يفيد علم اقتصاديات الصحة قطاع الخدمات الصحية من عدة جوانب ومنها:
• يقدم خلفية طبية يمكن من خلالها تحليل القضايا والمشكلات الخاصة بقطاع الخدمات الطبية.
• يمكّن من تقييم آثار التشريعات والأنظمة الصحية على جانبي العرض والطلب في الأسواق الخاصة بالرعاية الصحية المرتبطة ببعضها، وهي:
o سوق الخدمات الصحية النهائي.
o سوق المرافق الصحية.
o سوق القوى العاملة الصحية بجميع مستوياتها.
o سوق التعليم الصحي بكل مستوياته وأنواعه.
• يمكن استخدام علم الاقتصاد في النواحي التقليدية كالتنبؤ والتخطيط المطلوبين في أي قطاع خدمي بالصحة.
• يقدم علم الاقتصاد معاييراً لتقييم السياسات الصحية المختلفة لتحقيق الكفاءة والعدالة في الرعاية الصحية.
• يحدد علم الاقتصاد التكاليف والمنافع لمختلف الاختيارات في قطاع الرعاية الصحية.
كما يمثل التأمين الصحي أهمية بالنسبة لقطاع الخدمات الصحية فهو يسعى لتقديم رعاية صحية متكاملة للأفراد من خلال عدة أساليب:
• تقديم رعاية صحية قادرة غير مشروطة بقدرة الفرد المادية بحيث تشمل هذه الرعاية الأفراد جميعاً، وبشكل تدريجي مخطط.
• تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي لجميع المؤمن عليهم للحصول على حق الرعاية الصحية التأمينية بسهولة.
• العمل على تطوير أساليب الرعاية الصحية، وإضافة إمكانيات علاجية حديثة وفق معدلات علمية محددة سلفاً.
ما يهمنا من حديث هذا الأسبوع أن جائحة (كورونا المستجد) ومن تجربة شخصية شديدة الوطأة قد عرّت جميع جوانب الرعاية الصحية المعتمدة وأدت لدخول المنظومة الصحية حتى في البلدان المتقدمة في عنق زجاجة خطيرة فكيف بالدول النامية ومنها سورية التي أدت وفيات كورونا ونفقات علاج المصابين وعدم قدرة أغلب المصابين على الوصول لها أو تحمل أعبائها الكبيرة سواءً ضمن التأمين أو خارجه واضطرار العديد من الأطباء لعدم توصيف الحالات (بالكورونا) كي تدخل في التأمين الصحي أو لتسهيل دخول المشافي العامة والخاصة، جميع ذلك كان من الأجدى النظر إليه نظرة اقتصادية في إطار علم اقتصاديات الصحة بحيث يتم رفع الكفاءة الاقتصادية لخدمات الرعاية الصحية واستخدام الموارد المتاحة لتحيق نفع أكبر للأفراد للمصابين أو المحتمل إصابتهم سواءً في كورونا أو غيرها من الأمراض المزمنة والأوبئة. فالصحة الجيدة هي الحياة الجيدة.
كتبه: د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية