شام تايمز – متابعة
أثار إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، يوم أمس قلقاً واسعاً من احتمال تقسيم السودان فعلياً، في ظل استمرار الحرب بينها وبين الجيش السوداني منذ نيسان 2023.
وباستكمال السيطرة على إقليم دارفور وأجزاء من الجنوب، باتت قوات الدعم السريع تهيمن على مناطق واسعة، فيما يحتفظ الجيش السوداني بالمناطق الممتدة على طول نهر النيل والبحر الأحمر في شمال البلاد وشرقها ووسطها، ما يعكس واقعاً جغرافياً وسياسياً جديداً يُنذر بتقسيم فعلي للبلاد وزيادة المعاناة الإنسانية فيه.
وفي أول تعليق رسمي أقر رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بانسحاب الجيش من الفاشر، مبرراً ذلك بالرغبة في تجنب الدمار وحماية المدنيين، مؤكداً أن الانسحاب محطة في العمليات العسكرية المفروضة على البلاد، ومشدداً على أن القوات المسلحة ستنتصر لأنها مسنودة بالشعب ويقاتل معها كل أبناء الشعب السوداني.
من جانبها أدانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في السودان بأشد العبارات “الجرائم الإرهابية المروعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر، حيث ارتكبت ولا تزال ترتكب عمليات قتل وترويع ممنهجة ضد المدنيين العُزّل، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن.
وأشارت إلى أن الحكومة السودانية حذرت المجتمع الدولي مراراً من خطورة الصمت والتقاعس، وطالبت بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2736) لسنة 2024 الذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصارها للفاشر، إلا أن غياب الإرادة السياسية الدولية مكن هذه الميليشيا ومنحها الضوء الأخضر لتحدي القوانين الدولية والديانات السماوية وأن تستمر في زهق الأرواح وتدمير المدن”.
ردود دولية
حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من تقارير مروعة عن إعدامات وانتهاكات خطيرة في الفاشر ومناطق أخرى، مشيرا إلى أن المدينة “في وضع حرج للغاية” مع تزايد خطر وقوع انتهاكات و”فظائع ذات دوافع إثنية”، ودعا إلى تحرك عاجل لحماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة للراغبين في الفرار.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال: إن “التقارير التي تشير إلى أن قوات الدعم السريع سيطرت على الفاشر، تمثل تصعيدا مروعاً للنزاع”، مشدداً على أن الوقت قد حان لكي يتحدث المجتمع الدولي بوضوح مع كافة الدول التي تتدخل في الحرب وتقدم الأسلحة للأطراف المتحاربة، وحثها على التوقف.
وأشار غوتيريش إلى أن المشكلة ليست فقط في القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ولكن أيضا في التدخل الخارجي المتزايد الذي يقوض آفاق التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإيجاد حل سياسي.
أزمة إنسانية ومعاناة متفاقمة
مصادر إعلامية وتقارير ميدانية أفادت بتدفق أعداد كبيرة من النازحين داخلياً من مناطق القتال، وبتعطّل وصول المساعدات الإنسانية إلى أجزاء من شمال دارفور، فيما حذرت من مخاطر مجاعة ونقص حاد في المواد الأساسية إذا استمر القتال وغياب الحماية المدنية.
يذكر أن مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، شهدت خلال الأشهر الأخيرة تصعيدا كبيرا في الاحتكاكات بين القوات الحكومية و” قوات الدعم السريع”، مع تقارير متكررة عن هجمات طالت المدنيين وممتلكاتهم، ونزوح جماعي لسكان من أحياء عدة.
في أيار 2024، فرضت “قوات الدعم السريع” حصاراً خانقاً على الفاشر، أغلقت خلاله الطرق ومنعت وصول البضائع والمساعدات، وخلق ذلك أزمة إنسانية طاحنة ونقصاً حاداً في الغذاء والدواء والوقود، وتحولت المدينة إلى جزيرة معزولة، بلا اتصالات ولا إمدادات، وكانت تدور في أطرافها معارك يومية قبل أن تتوغل «الدعم السريع» داخلها.
ومنذ منتصف نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” حرباً أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليوناً، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما تقدر إحصاءات غير رسمية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً.
شام تايمز الإخباري رؤية لسورية أجمل