شام تايمز – متابعة

بيّنت الخبيرة الاقتصادية والوزيرة السابقة “لمياء عاصي” أن خطوة زيادة الرواتب الأخيرة في سوريا ضرورية بالنظر إلى الهوة المتزايدة بين الرواتب الفعلية وتكاليف المعيشة اليومية، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من أن هذه الزيادة قد تتحول إلى مجرد أرقام على الورق إذا لم تُرافقها إصلاحات اقتصادية حقيقية، وفقاً لمنصة “سورية 24”.

وأضافت “عاصي”: “كل زيادة سابقة في الرواتب كانت تتبعها مباشرة موجة من ارتفاع الأسعار، ما جعل أثرها على المواطنين شبه معدوم”، معتبرة أن المشكلة ليست في الزيادة بحد ذاتها، بل في طريقة تمويلها وآلية تطبيقها في سوق متقلب، مشيرةً إلى أن ضمان نجاح الزيادة مرهون بثلاثة عناصر جوهرية: أولها أن يتم تمويلها من مصادر واقعية، مثل تحسين التحصيل الضريبي أو إعادة ترتيب أولويات الإنفاق الحكومي، لا من خلال طباعة المزيد من النقود، لما لذلك من آثار تضخمية سريعة.

ثانياً، ترى “عاصي” أنه على الحكومة العمل بجدية على توسيع الإنتاج المحلي، خاصة في القطاعات الحيوية كالزراعة والصناعة الدوائية، لتقليص الاعتماد على الواردات وموازنة الطلب المتزايد. أما الشرط الثالث، فهو ضبط الأسواق بحزم لوقف انفلات الأسعار ومنع المضاربة.

وأشارت “عاصي” إلى أن ما حدث فعلياً فور صدور قرار الزيادة، حتى قبل صرفها، كان ارتفاعًا فوريًا في أسعار المواد الغذائية والأساسية، نتيجة توقّع التجار لموجة تضخم وقيامهم برفع الأسعار استباقيًا، أما أسعار الأدوية، فقد بقيت مستقرة نسبيًا بسبب خضوعها للتسعير المركزي، وهو ما يُظهر أهمية الرقابة.

وتنتقد “عاصي” ما وصفته بـ”الضبابية” في السياسة النقدية، مشيرة إلى أن المصرف المركزي لم يعلن حتى الآن عن أي إجراءات مرافقة لضخ هذه الكتلة النقدية الجديدة في السوق، محملةً الحكومة مسؤولية الغموض المتعلق بآليات التمويل، وهو ما يُثير مخاوف مشروعة حول الاستدامة المالية.

وحذرت “عاصي” من أن زيادة الرواتب قد تتبخر في ظل غياب إصلاحات اقتصادية حقيقية، وإذا لم ترافقها رقابة صارمة على الأسواق، وإجراءات لتحسين بيئة الإنتاج، وضبط السيولة النقدية، مشددة على أن الخطوة بحد ذاتها لا تكفي ما لم توضع ضمن رؤية اقتصادية شاملة تتجاوز الحلول المؤقتة وردود الفعل.