شام تايمز – متابعة
ينهض سنوياً “مهرجان القطيع” في تهامة، هذا الحدث الثقافي الفريد، الذي يُعدّ واحداً من أبرز التظاهرات الفنية والتراثية في محافظة الحديدة اليمنية، لا يقتصر على كونه احتفالاً عابراً، بل هو رحلة إلى وجدان الإنسان التهامي، ومسرح حيّ يُعيد رسم ملامح الهوية الأصيلة لهذه المنطقة العريقة، مُرسّخاً حضورها الحيوي في قلوب وعقول الأجيال المتعاقبة.
يُشكّل “مهرجان القطيع” ملتقىً حراً ومفتوحاً يُجسّد روح الإنسان التهامي في أبهى صورها، ويُسلّط الضوء على التقاليد والمعارف المتوارثة التي ظلت حاضرة بقوة في أدق تفاصيل الحياة اليومية، من تقنيات الزراعة المبتكرة وأساليب الصيد التقليدية، وصولاً إلى الأهازيج الشجية، والرقصات التراثية الأصيلة، والفنون الشعبية المتنوعة.
كما في كل عام تقريباً، انعقد المهرجان خلال اليومين الثاني والثالث من عيد الأضحى المبارك (الموافق 11 و12 من ذي الحجة)، ما يُضفي على المناسبة الدينية بُعداً ثقافياً وروحياً عميقاً، ويجعل من مدينة القطيع قِبلة لعشاق الفنون الشعبية والتقاليد العريقة.
تتنوع الأنشطة التي يتضمنها “مهرجان القطيع” بين عروض تراثية، ورقصات شعبية، وليالٍ إنشادية، ورياضات تقليدية، وعروض فلكلورية تعكس الزخم الثقافي والتراثي الذي تمتاز به المنطقة، وتُقدَّم بأسلوب يستهوي الزوار من مختلف الشرائح والفئات.
ويحتضن المهرجان باقة غنية ومتنوعة من الفعاليات التي تُبهر الحضور وتُسافر بهم عبر الزمن، مُبرزة الزخم الثقافي والتراثي الذي تتميز به المنطقة:
الرقصات الشعبية الأصيلة: تُقدَّم بزيها التقليدي وإيقاعاتها المميزة، خاصة رقصات فرق “الزرانيق” الشهيرة التي تعكس حيوية ورشاقة الفن التهامي. وتبرز هنا “رقصة العُبدي” الفريدة، التي تُعدّ الواجهة الكبرى للمهرجان وأكثرها تميزاً، وهنا يوضح محيي الدين أنها “تُحاكي انتصارات مدينة القطيع العسكرية منذ أواخر القرن العاشر الهجري”، حيث يؤديها الرجال بحركات مذهلة باستخدام العصي مصحوبة بأشعار وأهازيج وطبول، تُجسّد مشاهد تضامن وصراع رمزي يعكس روح الانتصار والتحدي.
ليالٍ إنشادية صوفية: تُقام أمسيات خطابية وإنشادية تُبرز جماليات الفنون الصوفية التهامية، والتي تُعدّ جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمنطقة، وتستمر حتى منتصف الليل، لتقدم أناشيد وأهازيج ذات طابع روحي وثقافي عميق، تُلامس القلوب وتُغذّي الأرواح.
السباقات التراثية: لا تغيب عن المشهد مظاهر الفروسية والمروءة التي ميّزت البيئة التهامية. يحتضن المهرجان سباقات الهجن والخيول، بالإضافة إلى رياضة القفز على الجمال، التي تُشكل استدعاءً حياً لرياضات الأجداد، وتُلهب حماسة الشباب والجمهور.
عروض الفولكلور الشعبي: في اليوم الأخير من المهرجان، تُقام عروض الفولكلور الشعبي، التي تشمل حكايات وأساطير وقصصاً تمثيلية تُبرز التراث الزراعي والثقافي لمدينة القطيع. تُقدَّم هذه العروض من خلال لوحات فنية واستعراضات حية، تُجسّد تاريخ المدينة الثقافي والزراعي وتُبرز إبداعات المجتمع المحلي في الحفاظ على هذا الإرث.