شام تايمز – متابعة
معرض جامع تحت عنوان “سأحفر كل ما تحكي لي الشمس” ، تقيمه مؤسسة “عبد المحسن القطَّان” في مقرها في رام الله بفلسطين، ، .
يتضمن المعرض فعاليات متنوّعة من فنون تشكيلية، وسينما، ومسرح، وورش تدريب فنية، في محاولة استكشاف تشابك العلاقات بين التاريخ والزمن تحت الاحتلال.
18 إنتاجاً وعملاً فنياً تتناول عبر أعمال أرشيفية، تجارب الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة، وفي الشتات، بينما يحفز الفنانين التفكير في سيرورة التحرير في فلسطين، مرتكزين في نتاجهم على أرشيفات المجتمع المدني، في ظل تساؤلات عن أي مستقبل يصنع الفلسطينيون لأنفسهم، وأي مجتمع يختارون، مستندين إلى الذاكرة والفعل الجماعي.
أهمية المعرض أنه يجري في ظل تفشي دموية الاحتلال، وتجاهل العالم الإبادة التي لا يمكن الالتفاف عليها، ومواراتها خلف الاستعارات الكبرى، فيبدأ الفنانون بالتنقيب في أرشيفات منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، والحياة الثقافية، بوصفها مرآة للواقع وشاهدة عليه.
من هذه الأرشيفات مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، الذي يوثق تجارب الاعتقال الإداري والإضراب عن الطعام والاحتجاز بعد الاستشهاد في الأسر، بالإضاءة على قضية الأسير الشهيد خضر عدنان وتجربته.
كذلك تقارير الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال (DCI) في سياق الحرب المستمرة ضدهم، وغياب القوانين الدولية المنصوصة لحمايتهم، إلى جانب مشاريع رواق- مركز المعمار الشعبي التي توثّق المواقع المعماريّة التراثيّة على امتداد الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
إلى جانب البحث في أرشيفات “الأونروا” في غزة، والمخيمات الفلسطينية الثمانية فيها بين العامين 1950–2024، وتجربة مسرح المضطهدين والمسرح المنبري في مسرح عشتار.
كذلك، استخدم فنانون بعض أرشيفات صحف فلسطينية لاستشفاف التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عايشها المجتمع الفلسطيني. فنانون آخرون تعاملوا مع الجسد بوصفه “أرشيفاً حيّاً”، منطلقين من تجارب وحكايات شخصية، نحو قضايا عامة كالهوية، والعدالة، والصمود المجتمعي.
القيّمون على المعرض يطرحون كيفية تبني مستقبلٍ يرفض المساومة على نهاية الاحتلال، وكيف يمكن للقراءة أن تصبح فعلاً لاستعادة الزمن والسيطرة عليه.
مبادرة فنية بعنوان “أسماء تمحى” لسمر عزريل وريبال ديرية، ترتكز على 4 لوحات لهما هي محطات هامة في تاريخ معاناة الاسرى الفلسطينيين، تعكس تجارب الاعتقال الاداري، والإضراب عن الطعام والاحتجاز بعد الاستشهاد في الأسر مسلطاً الضوء على تجربة الشيخ خضر عدنان، وإضرابه عن الطعام 5 مرات بين عامي 2011-2023، التي انتهت باستشهاده، معتقلا إدارياً مضرباً عن الطعام، ولا يزال جثمانه محتجزاً لدى سلطات الاحتلال، فيما تنفرد اللوحة الرابعة بخصوصية بصرية مشيرة إلى أوضاع الأسرى الفلسطينيين، بعد 7 تشرين الأول 2023، في سجون الاحتلال وتعرضهم للتعذيب النفسي والجسدي، وفقدان الهوية الفردية.
يقتبس “أسماء تمحى” قول الأسير الشهيد خضر عدنان أثناء احتجازه في مستشفى الرملة: “الاعتقال الإرادي ظالم، ظلمٌ مركّب وليس مثله في العالم، إلا هنا، عند الاحتلال تحت ذريعة الملف السري، والكل يعرف أن هذا الاعتقال بداية، ولكن لا يعرف أحد نهايته، ومتى تكون حتى القضاة أنفسهم”.
ثم محاضرة بعنوان “يلزم عقل كبير لهذا” التي قدمها الكاتب والمسرحي غسان نداف في 5 فصول بدايات مسرح المضطهدين في فلسطين بالبحث في أرشيف مسرح عشتار، ومن خلال نصوص أعماله المنبرية. كما طرح سؤال الاضطهاد في سياق العلاقة بين الجمهور والعرض، متطرقاً إلى صور الاضطهاد في مسرحية “شؤون أبو شاكر”.
وكذلك عروض 5 أفلام فنية قصيرة تصوّر ظروف الحياة الفلسطينية، وتتلمس الذاكرة، والتغيير المرهون بالوقت في الشتات، أو تحت الاحتلال، موضوعاتها تتراوح بين اصطدام الطفولة بالواقع، والعزلة، والتصوير كأداة للحفظ والتذكر، بتقنيات التحريك، والحركة والرقص، ومواد أرشيفية.
ثم عرض فيلم “البرج” يحكي قصة الطفلة وردة التي تبلغ من العمر 11 سنة، وتخشى أن يكون جدها قد منحها مفتاح الدار التي هجر منها عام 1948 في الجليل أنه فقد الأمل في العودة إلى وطنه. تحاول وردة أن تعيد له ما تعتقد أنه أمل مفقود باحثةً في مخيم برج البراجنة حيث تسكن، وعلى مشارف العاصمة اللبنانية بيروت. تتسلق وردة البرج الذي تقيم فيه أجيال مختلفة من أسرتها لتتحدث معهم، وتتعرف من خلال ذلك على أهم المحطات في تاريخ اللاجئين الفلسطينيين.
إضافة إلى جلسة حوارية بعنوان: “الأرشيف بوصفه محركاً في الممارسة الفنية”، للباحث عزّ الجعبري، والدكتورة روان شرف، وتتناول الجلسة توظيف الفنانين الأرشيفات لإنتاج أعمال فنية تتقاطع مع الذاكرة الفردية والجامعة، وتعكس نضالات المجتمع.