شام تايمز – متابعة
عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، صدر كتاب “الفضاء السيبراني وتحولات القوة في العلاقات الدولية”، للباحث خالد وليد محمود. ينطلق الكتاب من فرضية مفادها أنّ الفضاء السيبراني قد غيّر من عناصر القوة التقليدية، وفتح المجال أمام فاعلين جدد – من غير الدول – للمشاركة في تشكيل التفاعلات الدولية.
ويُبرز المؤلّف التحوّل الذي أحدثه الفضاء السيبراني بوصفه بيئة جديدة أضيفت إلى البيئات التقليدية (البرية، والبحرية، والجوية، والفضائية)، وأسّست لمفهوم “القوة السيبرانية” التي تعتمد على المعرفة التكنولوجية والابتكار والإبداع، بما يتيح للدول الصغيرة والجهات غير الحكومية ممارسة أدوار مؤثرة، إلى جانب القوى التقليدية الكبرى.
ويشير إلى وجود مستويين لتحولات القوة، أسهم الفضاء السيبراني في إحداثهما؛ مستوًى يتعلق بالعناصر المكونة للقوة وأشكالها: الهجمات السيبرانية، والفيروسات، والاختراق، والقرصنة، والخوارزميات، والتشفير، والتصيد، والتضليل والتشويش السيبراني وغيرها. ومستوًى آخر يتعلّق بالأطراف التي تمتلك القوة في ظل انتشارها بين فاعلين من غير الدول كالأفراد، والشركات متعددة الجنسيات، والجماعات الإرهابية، والقراصنة، وحركات المقاومة)، الذين باتوا يؤدون دوراً في التفاعلات الدولية؛ ما فرض تحديات على الدول وسيادتها.
يتناول القسم الأول الفضاء السيبراني بوصفه ظاهرة جديدة في العلاقات الدولية. ففي الفصل الأول، يجري استعراض الإطار المفاهيمي لنشوء الفضاء السيبراني؛ إذ يُسلط الضوء على تعريفه وخصائصه ودوره المتنامي في تشكيل العلاقات الدولية. ويركز الفصل الثاني على مفهوم القوة وتحولاته عبر التاريخ، مع تحليل يظهر كيفية إسهام ظهور الفضاء السيبراني في إعادة صوغ هذا المفهوم؛ ما أدى إلى تراجع أهمية القوة التقليدية أمام صعود القوة السيبرانية.
أما القسم الثاني، فيناقش الفضاء السيبراني بصفته ميداناً للصراع الدولي. ويتناول الفصل الثالث الصراع السيبراني بصفته أحد مظاهر التحولات الجيوسياسية الراهنة؛ إذ يُبرز الكيفية التي أصبح فيها هذا المجال أداة رئيسة للتنافس بين القوى الكبرى والصاعدة. ويركز الفصل الرابع على سباق تطوير القدرات السيبرانية وأثره في موازين القوى العالمية؛ إذ يُظهر الكيفية التي باتت فيها الدول تستثمر على نحو متزايد في تعزيز قدراتها السيبرانية لتحقيق التفوق الاستراتيجي.
يُختم الكتاب باستعراض لأبرز الاستنتاجات، من أبرزها: أن القوة السيبرانية أصبحت، اليوم، أحد العوامل الأساسية التي تعزز من قوة الدول والفاعلين غير الدوليين، إذ تمكّنهم من ممارسة النفوذ، وتحقيق التفوق والفاعلية في النظام الدولي، كما أنّ آثار الهجمات السيبرانية تتناسب طردياً مع مستويات التطور التكنولوجي، حيث تصبح الدول ذات الرقمنة العالية في قطاعاتها أشدّ عرضة لآثار هذه الهجمات. وتبرز هذه الظاهرة في شكل “الحرب اللاتناظرية” التي تظهر عندما تتباين القدرات الرقمية بين الأطراف المتنافسة؛ ما يجعل الفضاء السيبراني ساحة صراع غير متكافئة.