“عذراء غزة” معرض فني في دمشق

شام تايمز – متابعة

أقيم في صالة المتحف الوطني في دمشق معرض “لون وروح” للفنانة السورية ندى سركيس.

والجميل في معرض سركيس هو اهتمامها بجوهر هذا النوع الفني إلى جانب عنايتها بتمظهراته الدقيقة، بحيث يشعر المتلقي بأن كل أيقونة تستقي روحانيتها من مرجعيتها الدينية أولاً، والأهم من محاولة جعل الرسالة التي تريد إيصالها من خلالها معاصرة ومتجددة في الزمن، بحيث يُشِكِّل معرضها ما يشبه رحلة في الرجاء والمحبة والسلام والحياة، إذ تنشر لوحاتها نوعاً خاصاً من الطمأنينة في ظل معاناة كثير من البشر من الظلم وطغيان اليأس والكراهية والموت المُعَمَّم.

وعلى اختلاف أحجام الأيقونات، واعتماد سركيس في بعض لوحاتها على رسم جزء من الأيقونة فقط، إلا أن زخم التفاصيل ورمزيتها يجعل منها جميعها شاسعة في المعنى ومفعمة بالجَمال، حتى لو كان الموضوع متعلقاً بيد المسيح الطفل تبارك والعذراء أمه تدل عليه، أو يدا آدم وحواء معاً في الخطيئة الأصلية، من دون أن ينفي ذلك جماليات الأيقونات المكتملة، سواء تلك المتعلقة بأيقونة ملاك البشارة جبرائيل الذي استبدلت فيها أزهار الزنبق بالياسمين، أو بأيقونات عجائب المسيح التي تحكي قصة المُقعَد الذي مشى، والنازفة التي شُفِيَت بعد 12 عاماً إثر لمسها رداء المُعلِّم، أو أيقونة ذبيحة إبراهيم الخليل، أو أيقونات القربان المقدس والصلب والقيامة، أو أيقونة “مريم أنت فرح كل الحزانى” التي يرفع فيها الناس همومهم إليها علَّها تكون الواسطة بينهم وبين السماء، واشتغلتها الفنانة على النمط الروسي لكن ببصمة سورية وغيرها، بحيث أنها مع بقية أعمالها تجمع بساطة التصوير مع حيوية التكوين ونقاء الألوان وبهاء التفاصيل، لدرجة أن كل منها تحتاج إلى كثير من التأمل للغوص في كُنْهِها، لاسيما أن سركيس اعتمدت على مقولة جلال الدين الرومي بأن “الصورة الظاهرة إنما رُسِمَت لكي تُدرك الصورة الباطنة، والصورة الباطنة تشكَّلت من أجل إدراك صورة باطنة أخرى على قدر نفاذ بصيرتك”.

ولم تكتف سركيس بحكايات الإنجيل في رسوماتها، فهي كما ترى أن في كل أيقونة رسالة روحية خاصة بغض النظر عن مرجعيتها دينية كانت أم صوفية أو من وحي الواقع.

ولذلك ضمَّ معرضها مجموعة من اللوحات ذات بعد إنساني خاص، منها مثلاً “عذراء غزة” التي ألبستها ثوباً فلسطينياً وأجلست يسوع في حضنها وفوقهما غصن زيتون، كنوع من التضامن من نساء غزة وأطفالها علَّها تخفف عنهم مصابهم الأليم في جو من صمت قاتل أمام كل الفجائع التي حصلت وتحصل حتى يومنا هذا. وأيضاً هناك لوحة “الحلَّاج” التي احتوت بيتين من أشعاره التي تقول: “اقتلوني يا ثقاتي إن في قتلي حياتي.. ومماتي في حياتي وحياتي في مماتي”، والتي اشتغلتها كما كتبت على بطاقة التعريف بعد “خبرة روحية لطيفة عاشتها مع الحلاج وأيقنت من خلالها بأن الروح لا بد أن تجد طريقها الخاص إلى الله، وكلٌّ بطريق، لنصل جميعاً إلى حقيقة واحدة”، وكذلك لوحة “الأب باولو اليسوعي” مؤسس دير مار موسى الحبشي في النبك، و”الغائب الحاضر في قلوب الكثير من السوريين”.

أكثر من 50 أيقونة تحار معها في التقاط المرجعية البصرية التي اعتمدت عليها ندى سركيس، لكنها أوضحت في حديث خاص مع “الميادين الثقافية” أنها تعلمت رسم الأيقونات على يد الفنانة إليزابيث لامور، بعد أن التقت معها صدفة في دير مار موسى الحبشي وكانت تسأل عن الرسومات الجدارية هناك، بينما كانت سركيس مرممة للأيقونات في الدير، ومن سؤالها عرفت أنها اختصاصية، وعلمت منها أنها ترسم أيقونات، وبطريقة عفوية عبَّرت لها عن أمنيتها في تعلم رسم الأيقونات، وبعدها بدأتا رحلة من التبادل الثقافي، ندى تحكي لها عن آليات الترميم وإليزابيث تعلمها رسم الأيقونات.

 

شاهد أيضاً

صدر حديثا ..”كيف تقرأ حكاية شعبية.. ملحمة إيبونيا من مدغشقر”

شام تايمز – متابعة صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر، كتاب “كيف تقرأ …