معدل المردود الداخلي

يعرف معدل العائد الداخلي أو المردود الداخلي IRR بأنه (سعر الخصم الذي يجعل القيمة الحالية الصافية للمشروع تساوي الصفر أو أنه سعر الخصم الذي يجعل مجموع القيم الحالية للتدفقات النقدية السنوية الصافية مساوياً لمجموع القيم الحالية للتدفقات النقدية الاستثمارية، وهذا التعريف قد يبدو لغير المختصين معقداً وصعب الفهم لكنه واضح بالتأكيد لدارسي الجدوى الاقتصادية وأصحاب الأعمال المثقفين.
والبحث عن سعر أو معدل الخصم يعني البحث عن أعلى قيمة لسعر الفائدة السائد الذي يمكن للمستثمر أن يدفعه (فيما إذا أراد أن يلجأ للاقتراض من أجل تمويل المشروع دون الوقوع في خسارة.
وبالتالي يكون المشروع مربحاً عندما يكون معدل العائد الداخلي أعلى من سعر الفائدة في السوق، وعند المفاضلة بين عدة مشاريع يكون المشروع الأفضل الذي يحقق معدل العائد الداخلي الأعلى، وعادةً يحتسب معدل عائد الاستثمار الداخلي عن طريق التجربة والخطأ في تحديد سعر الخصم (السعر الأعلى والسعر الأدنى) وعلى عدة مراحل يمكن إيجازها بما يلي:
1. تحديد صافي التدفقات النقدية السنوية للمشروع.
2. تحديد صافي القيمة الحالية للمشروع باستخدام سعر خصم منخفض (الحد الأدنى) لتكون صافي القيمة الحالية للمشروع موجبةً.
3. تحديد صافي القيمة الحالية للمشروع باستخدام سعر الخصم مرتفع (الحد الأعلى) لتكون صافي القيمة الحالية للمشروع سالبة.
4. تحديد معدل العائد الداخلي وفق معادلة خاصة لذلك موجودة في كتب دراسات الجدوى المتخصصة ويمكن للراغب أن يجدها في صفحة العيادة الاقتصادية السورية مقرونةً بمعدلات القيم الحالية.
ويمكن الإشارة إلى أن هذا الأسلوب رغم قوته وأهميته الكبرى في تقييم جدوى المشروعات الاستثمارية فإن لديه بعض العيوب، ومنها:
1. لا يمكن تطبيقه بأمان في حالة وجود تدفقات نقدية صافية سالبة كبيرة خلال مدة التشغيل من عمر المشروع وفي هذه الحالة قد يحدث أن القيمة الحالية الصافية للمشروع تغير إشارتها (سالباً أو موجباً) أكثر من مرة عند الخصم بمعدلات مختلفة للخصم وفي مثل هذه الحالة سيوجد أكثر من معدل داخلي للعائد ويكون من الصعب تقرير أيهما يكون المعدل الملائم لاستخدامه لأغراض التقييم.
2. قد تكون هذه الأساليب مضللة عندما يتم مقارنة مشروعين أو أكثر والتي يستبعد احدها الآخر والتي يلزمها فيه الرجوع إلى صافي القيمة الحالية.
3. لا يعكس هذا المؤشر بطريقة مباشرة التفضيل الزمني لمتخذ القرار الاستثماري طالما أن معدل الخصم لا يعطى من خارج المشروع ولكن يحسب على أساس من بيانات المشروع ومع ذلك فطالما أن المعدل الداخلي تتم مقارنته بالمعدل المعياري الحاسم فإن هذه المشكلة يتم التغلب عليها عملياً.
4. تعتبر عملية حسابه صعبة ومرهقة بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الأسلوب:
• لا يأخذ بعين الاعتبار حجم الاستثمارات التي يتطلبها المشروع ولا الحجم الكلي للربح الذي ينتظر تحقيقه وبالتالي قد يقود إلى نتائج خاطئة.
لنفرض مثلاً أنه علينا أن نختار واحداً من مشروعين متنازعين أولهما يتطلب استثمار (دولار واحد) يحقق معدل عائد داخلي 300% والثاني يتطلب استثمار /1000 دولار/ ويحقق معدل عائد داخلي 25% إن تفضيل المشروع الأول يعتبر غير عقلاني اقتصادياً وتسمى هذه المشكلة (مشكلة الاستثمار الإضافي) إذ إنها تُعزى إلى أن أحد المشاريع موضوع التقييم يتطلب تدفقات نقدية استثمارية أعلى من تلك التي تتطلبها المشاريع الأخرى، هذه المشكلة يمكن معالجتها بواسطة احتساب معدل العائد الداخلي على الاستثمار الإضافي وهو ينطوي على قدر من الصعوبة وتزداد بزيادة عدد المشاريع المقارنة من الأسلوب المتبع هنا وهو (أسلوب الإقصاء أو الاستبعاد) وهو يقضي بأن يتم ترتيب المشاريع وفقاً لحجم الاستثمار ويعطي الرقم (1) للمشروع الذي يتطلب أدنى حجم من الاستثمار كالرقم (2) للمشروع الذي يليه من حيث حجم الاستثمار وهكذا، ثم نأخذ المشروعين (الأول والثاني) ونحسب معدل العائد الداخلي للاستثماري الإضافي الذي يتضمنه المشروع الثاني فإذا كان هذا العائد مجزياً (أي أعلى من سعر الفائدة السائدة) فنستبعد المشروع (1) ثم نأخذ المشروعين (2) و (3) ونحسب معدل العائد الداخلي وهكذا.
أخيراً يمكن الإشارة إلى أن هذا الأسلوب من أهم المعايير المستخدمة في المفاضلة بين المقترحات الاستثمارية ويستخدمه البنك الدولي في كل أنواع التحليل المالي والاقتصادي للمشروعات وكذلك في معظم مؤسسات التمويل الدولية.
والمشكلة اليوم في سورية عند استخدام هذا المعيار هي عدم وجود سوق مالي تتحدد فيه أسعار الفائدة بصورة حرّة وبالتالي ومع وجود معدل تضخم مرتفع فإن معدل الفائدة الحالي في المصارف لا يتطابق مع معدل الفائدة السائد في السوق وهو يشكل معدلاً سالباً ولا يمكن مقارنته مع معدل المردود الداخلي ولابد من اعتماد معدل خصم يحتوي في مضمونه عناصر (الفائدة والتضخم والمخاطرة) بحيث تعبر عن الحد الأدنى من عائد الاستثمار الذي لا يرضى صاحب المشروع أن يضحي باستثمار أمواله الحالية مقابل عائد مستقبلي دون هذا المعدل وهو اليوم لا يقل عن 22% والموضوع قابل للنقاش والتحليل المعمق.

كتبه: د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية

شاهد أيضاً

عنق الزجاجة

بلغة بسيطة يفهمها الجميع المطلوب من الاقتصاد السوري أن يخرج من عنق الزجاجة التي دخل …