(الشركات الصغيرة والمتوسطة) نموذج جديد للتطوير

تتوقع إحدى الدراسات أنه في عام /2030/ ستكون نصف المنتجات في أوروبا غير معروفة حالياً (نتيجة عمليات التطوير والإبداع) وستأتي هذه المنتجات من شركات صغيرة ومتوسطة.

فما هي هذه الشركات التي تشكل 90% من الشركات الإيطالية؟ ولماذا يتم التركيز عليها في الوقت الحالي كأحد الأنواع التي تمتلك القدرة والمرونة على تحقيق درجات كبيرة من الكفاءة والفاعلية؟ وكيف السبيل لتطوير نشاطات هذا النوع من الشركات في سورية؟

يشهد العالم المتقدم اهتماماً متزايداً بالشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) SMALL AND MEDIUM ENTERPRISES والتي تستخدم من (1-50) مستخدماً باعتبارهاً المحرض الأساسي للنمو الاقتصادي ولتحقيق الكفاءة الإنتاجية.

في أوروبا حاليا: –

  • 7% من المؤسسات تضم أقل من (100) مستخدم.
  • 90% من المؤسسات تضم أقل من (50) مستخدم.
  • 80% من المؤسسات تضم أقل من (20) مستخدم.
  • 50% من المؤسسات لديها موظف واحد.

حيث تمثل المؤسسات التي تضم أقل من (50) مستخدماً حوالي /70%/ من فرص العمل في أوروبا وهي تشكل العامل الأساسي في الإبداع والتطوير والإنتاجية.

وتعتبر إيطاليا التي يشكل ناتجها القومي 13% من الناتج الأوروبي وصادراتها 34% من الناتج المحلي الإيطالي نموذجاً مهماً وناجحاً لهذا النوع من الشركات، وهي ليست بالضرورة شركات عائلية وإنما هي شركات أشخاص وبعضها شركات أموال، وهي تعمل ضمن نظام مؤسساتي فعّال يدعمه تجمعات خاصة للأعمال (منظمات وجمعيات وغرف تجارة) تهدف إلى تطوير عمل هذه الشركات وتشجيعها على دخول الأسواق العالمية.

وتتميز الشركات الصغيرة بالعناصر التالية:-

  • وجود حافز تحريضي للإبداع والابتكار قابل للنمو والارتفاع.
  • قابلية كبيرة للمرونة.
  • مستويات أقل من البيروقراطية الداخلية.

أما الشركات المتوسطة: فتتميز بمعدل دوران أقل للمستخدمين ومرونة أكبر في الابتكار والتجديد وفق متطلبات السوق.

أما المزايا التي يمكن للصناعات الصغيرة والمتوسطة ان تتفوق فيها على الصناعات الكبيرة فيمكن تلخيصها بما يلي:

  • باعتبارها مكثفة للعمل ومستخدمة لفنون إنتاج بسيطة نسبياً فإنها تتواكب مع وفرة العمل وندرة رأس المال وهي إحدى ظواهر الدول السائرة في طريق النمو.
  • تعتبر مورداً ورديفاً هاماً للصناعات الكبيرة وتتولى القيام بالطلبات التي يُستخف بها أحياناً بصورة أكثر كفاءة من الصناعات الكبيرة.
  • قدرتها على النجاح في خدمة أسواق محددة أو متخصصة قد لا تجذب إليها الصناعات الأكبر.
  • تعتبر هذه الشركات مشتلاً للمهارات المنظمة ومختبراً لصناعات جديدة.

وتواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة صعوبات عديدة وهناك احتمال 50% أن تعاني هذه الشركات انهياراً تاماً بعد إنشائها إذا لم تعمل ضمن معايير واضحة ومرنة للكفاءة كما تعاني من مشاكل الحصول على رؤوس الأموال للتمويل والحصول على المعلومات والاتصالات.

حيث تسعى أغلب الدول وفي مقدمتها الأوروبية على تجاوز هاتين المشكلتين بإنشاء مراكز للإنشاء والإبداع على شكل (حاضنات أعمال) لمساعدة هذا النوع من الشركات بالإضافة لاعتمادها على مراكز خدمات (تجمعات خاصة- غرف تجارة وصناعة) من أجل تزويدها بمعلومات عن الأسواق الخارجية وتقديم خدمات النصح والاستشارة في المجالات الإدارية والتسويقية والمالية والفنية والتقنية والتدريبية كما تم إنشاء مؤسسات إقراضية متخصصة لتمويل مثل هذا النوع من الشركات وتقديم الائتمانات المختلفة.

واليوم وبعد تداعيات الأزمة التي مرّت بها سورية يبرز هذا النموذج من الشركات كأحد أهم مرتكزات التنمية ومخرج محتمل للأزمة باعتبارها الأكثر انسجاماً مع مجتمع الأعمال السوري والأكثر قدرة على بناء مشاريع برؤوس أموال ليست كبيرة وبفترات تأسيس قصيرة ومردودية مرتفعة.

 

كتبه: د. عامر خربوطلي

 

شاهد أيضاً

عنق الزجاجة

بلغة بسيطة يفهمها الجميع المطلوب من الاقتصاد السوري أن يخرج من عنق الزجاجة التي دخل …