الشريط الإخباري

البعث

إرادة إنسانيّة وعزيمة ذاتيّة، وانقلاب على الواقع كلما ترهّل أو تباطأ أو تراجع يحفّزها ويأخذ بنواصيها، حيث نجد منه القيامة الجديدة الحاملة للتوجيه، وغرضه إحداث وإظهار نظرية جديدة فكرية إبداعية تستند إلى المنطق التطبيقي،

نظراً لامتلاكها منظومتي العلمية والعملية اللتين تداخلتا وتكاملتا، بحيث لا يمكن لأيٍّ كان نقضهما أو فصلهما، والغاية من ظهور البعث إنجاب هرم اجتماعي، اقتصادي، سياسي، نوعي، يتطلع إليه المحيط، يتأمّله ليغدو أحد أحلامه الرئيسة،

حيث يدعوه للانخراط فيه، وتسجيل اسمه كمشارك في عملية البعث، بكونه مفهوماً خلاقاً واسعاً، يسمح بالتأمّل والتفكّر والتفكير، وامتلاك فرص التعلم لإثبات العلم الذي يُفترض أنه متاح بحرية للجميع، وتقديم الأفضل، وتشكيل رافعة لمن ينجب الإبداع، ويضيف إليه ضمن لبنات بناء الهرم بقوة الفعل العلمي، والعمل البرامجي المخطط والممنهج، ليدرك مفهوم البعث المؤمن بالإنجاب العلمي الراقي، والذي يسمح بالتفكير، كما أنه لا يمنعه، فهو يتابع الكفاءات ويأخذ بيدها،

لذلك كان استثناءً بين جميع القواعد المتعارف عليها، والنظريات المنتشرة، حيث أنه يؤمن بالمصالح العامة التي تسعى للتطوير والتحديث والخلق الدائم، لا يتخلّى عن المبادئ والثوابت والقيم،

لذلك أجدني أطرح فكرة البعث المنتشرة، والتي يؤمن بها الكثرة من الجمع من خلال إرادة الكلّ للعيش في حالة الانبعاث؛ لكنها غدت ثانوية لأن الكثرة امتلكتها وضمنت وجودها في جيوبها المادية واللامادية، حيث غدا من الضروري خلق الانبعاث في البعث، والذي سيجري ضمن حالة البعث خير دليل على التنبّه لما وصل البعث إليه من حالة سكون واستكانة .

إذاً، لا بد من العودة لتفعيل هذا المفهوم الكبير ونفض الغبار عنه، فهو ليس شعاراً ولا مادة استهلاكية ولا أداة نمتطيها، بكون البعث يؤمن بالخلق، والخلق متعدد الألوان والإبداع، لا يقف عند لون أو طيف، إنما يذهب إلى الناتج والنتاج المنبعث من أيِّ لون،
لذلك صورته وجوهره واحدة متجانسة، يتشكل منه قوس قزح بألوانه وأطيافه المتعددة؛ التي تنصهر جميعها لتعود إلى اللون الرئيس الأبيض الشفاف صاحب البعث المنبلج من الظلمة، والمسيطر عليها بكونه ينشر نوره، وكلّما كان كذلك كان له الحق في السواد وامتلاك قيمة الإرادة والإدارة .

البعث يعني إثارة الساكن، أو القاعد أو المنتظر أو المتهيِّب يدعوه للنهوض والعمل الجدي، كما أنه  يعمل على  تسريع الخطى أو السير بشكل أسرع إلى الأمام وإلى الأعلى،

لذلك نرى أنه ضرورة حتمية، ومقتضى من مقتضيات إحداث عملية التطور التي تدعو إلى تحفيز القدرات، والأخذ بكامل طاقاتها من أجل الوصول إلى الهدف أو الأهداف.
البعث الكوني أنجزه الكلي منذ مليارات السنين، وأسكنه ضمن العقل الإنساني، وتركه ليتفكّر فيه مواعداً إياه بالبعث الجديد،

أما البعث العقائدي الذي أنجزه الفكر الرافض للتخلّف، والمطالب بالتحديث والتطور والتقدم، والذي أُنجز بفعل الثورة الفكرية منذ بضع وستين عاماً يعيش اليوم ثورة نفض الغبار الذي تراكم على الأفكار، فكان لا بدّ من بعث في البعث الفكري؛ الذي يؤمن بالخلق الجديد، وتعميق الأفكار الجديدة، والأخذ بالإبداع كي يتابع البعث مسيرته الخلاّقة .

الآن وبعد ما يقرب من بضع وستين عاماً على ولادة البعث، وتطوّره الزمني خلال هذه المسيرة ينتظر الجميع إحداث الانبعاث الفكري، وتحفيز جوهر المنضوين تحت لوائه، من أجل إزاحة بعض السواتر التي حاوّلت أو تحاول التخفيف من  وهْجه الخلاق، بالتأكيد غدا ضرورة البحث في داخل هرم البعث، وتجديد بعض مكوناته اللامادية،

وأقصد نُظمه الفكرية وانتظامه الرتيب في التطبيق، كي يفيض إشعاعه، ويهدر شلاّله من جديد ، ويفيد منه القريب والبعيد والمحيط، بعد أن حصل وحدث التغيّر في الكثير من المحاور العالمية ذات اليسار وذات اليمين وفي محوري الشمال والجنوب.

البعث الحيّ ينتظر ويدعو لانبعاث الوجدان الذي يؤمن به جميع الإنسان أينما وُجد، بكونه يؤمن مثل إيمان الكل  بالانبعاث الأخروي، وعليه ومنه يكون كلّ إنسان مؤمن بالانبعاث الحيّ بعثي يحلم بالتطور العلمي والتطوير الحداثي، ومواكبة الأفكار الخلاقة التي تؤمن بالتعددية والتشاركية الإبداعية، والتدفق ضمن مسارات الحياة، والغاية إعطاؤها حضورها كي تمنح أمة تستحقُّ العيش في وطن يمتلك حقيقة الحضور.

د.نبيل طعمة

شاهد أيضاً

استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة …