اقتراح اجتماعي

قابل للنقاش، يقع بين القبول والرفض، أو لإجراء الحوار حوله، الكل يريد معرفة ما سأقترح، وأنا لا أبغي من ورائه إثارة المشاعر؛ ولكن أسعى لزيادة الألفة، أو إحداث الفراق من باب “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”.

وقبل أن أدخل إلى الاقتراح؛ طبعاً من باب النكتة والمزاح والدعابة التي تتقبل فتح الأبواب والنوافذ، لا لخلق المكائد والشراك؛ إنما من باب إعادة الحيوية والتفكر بأن ما يجمعنا يحملنا على الاستمرار أكثر قبل تجاوزنا حياة الانفعال، وأخذنا بالميل إلى الاستقرار، والحاجة إلى الهدوء والأمان.

طبعاً، تنتظرون الاقتراح، وأيّ اقتراح لقد أدخل إلى فكري التردد وأشغلني بما سيُحدثه من القيل والقال، وهل هو مقالة أم سؤال، أم مقام، بكون لكلِّ مقام مقال، فإذا أدخل السرور والانشراح وصل مبتغاه، ونافس في حضوره الحضور، مبتعداً عن الأذى للروح والأذية للعقل، فالجمع بينهما غاية المشتاق لحظة تشوقه بعد امتلاكه للاشتياق.

نعود إلى العنوان من باب أن العود أحمد الذي تسكنه ( حم ) وأقر تعدّد الزوجات، أو نسعى إليه من باب سعي يسوع ( المسيح ) الذي أقرّ بالزوجة الواحدة فقط، وقدرته على شفاء الثكلى والمرضى وإحيائه للموتى، لماذا هذه التراكيب والجمل المؤتلفة، والمتجولة ما بين مقدمة ابن خلدون، ومؤخرة الفارابي، وعرفانية الخيام، ومقامات ابن سينا، وصوفية ابن عربي،

أي: إنها رحلة وتجوال، غايته تعزيز إنسانية الإنسان كي يبتعد عن بشريته التي إن لم يستطع الخروج منها أدخلته تحت عباءة الشهوة، وافتقاده للإرادة التي لا تدير حياته بالحكمة والموعظة الحسنة؛ إنما تبعده عنهما.

أيها السادة الاقتراح هو حول الزواج وإيجاد نظام لتحديده، فبما أنه يمتلك تحديد البداية بالاتفاق فيجب تحديد النهاية أيضاً دون خلاف أو اختلاف أي بالحوار، فإما التجديد، أو التعهّد بالبدء من جديد، والفراق بالتوافق أفضل، حيث يكون النضوج العقلي وصل حدوده التي تمنح أصحاب العلاقة قدرة الوصول إليه،

فإنني أقترح أن خمسةً وعشرين عاماً تكفي لخوض كامل معارك الزواج، وحينما كنت أكتب هذا الاقتراح كان بعض الأصدقاء والصديقات من حولي، فمنهم من قال عشرون عاماً تكفي، ومنهم من طرح أن عشرة أعوام كافية لخوض هذه التجربة،

ومنهم من رفضها جملةً وتفصيلاً، مهاجماً إياها بشدة، بدءاً من الخطوبة التي تكون أجمل مراحل الارتباط، وما فيها من توالد أجمل الكلمات، وسرقة أحلى القبلات بوجود الأهل أو في الخلوات، والتي تؤدي في الناتج إلى حمل أجمل الذكريات، وحينما يصلان إلى الزفاف، ومن ثم الإنجاب ومسؤولية تربية ورعاية الأبناء – صبيان وبنات – ووصولهم إلى سنّ العقل بعد تجاوزهم لمرحلة التعليم الأساسي والثانوي، ومرورهم بالمراهقة، ودخولهم الجامعات، وربما التخرج، حيث المسافة الزمنية المفترضة تكفي لحدوث كلِّ ذلك،

أي أنهم أصبحوا قادرين على تحمل مسؤولياتهم، وبعد أن يكون قد حدث ما حدث بين الزوجين، وصنع ما بينهما الحداد، ووصلا إلى درجة التآخي بين اللحم والالتحام، وافتراق الساق عن الساق، وظهور الملل من القبلات والعناق، والاضطرار لإغماض العيون التي أشبعت من بعضها وقد استثمرا كامل ألوان الزواج بأشكاله الطبيعية أو القسرية القادمة:
إما من الحبِّ الحقيقي أو الشهوة والجنس، والاثنان امتلكا الحاجة الأولية للإشباع الجنسي؛ الذي يظهر من خلاله التكوين الأسري، بفعل حقيقة التكوين أو نتاج تكاذب الشهوة التي تنجب لاحقاً الفراغ الفكري؛ ما يؤدي للتفكير بنظم الخيانة الفكرية،

وبدورها تتحول إلى صراعات منشؤها شرارة صغيرة من هنا أو هناك، لتبدأ إدارة ظهريهما لبعضهما، ويبدأ كلُّ واحد منهما التفكير الحامل للشكل لا في الآخر؛ بل في: كيف، ولعل، وهل يستطيع أن يستخدم حوارات إيجاد الحبِّ من جديد، أو الشهوة والشبق الجديد، أو أنه يستعين بما ينبثق عنه الفكر، فيخون به ما يخونه الآخر فكرياً أو مادياً،

أي  ممارسة حقيقية، بعد أن تنتهي القدرة على الاعتراف ببعضها، والوصول إلى حالة عدم الإنجاب، أو استمراره مع الآخر اللاشرعي الذي يحلم بتحويله إلى شرعي ضمن أفكاره، حينها يتحول الفعل والعمل إلى إنسانية قسرية، تحمل اسم المعايشة والتعايش لا أكثر ولا أقل،.

أعود وأكرّر بأنه اقتراح ما ورائيات أو أماميات، لجأت إليه من أجل إجراء أبحاث حول أفكار الارتباط الأزليِّ بين الأزواج، وحماية تلك الروابط التي ينبغي علينا احترامها، واعتبارها مقدسة، فلا راحة لأيٍّ من الطرفين “الذكر والأنثى” إلا بالتجانس والتوافق والحوار،

ومنه يكون الاستمرار، والمهمّ في هذا الموضوع أنها دعابات أرمي بها، عساها تحرّك ركود الماء ببعض الانتقادات أو التوافقات حولها، ولكنها في جملتها النهائية أفكار منطقية أدعها بين أيديكم متمنياً زيادة الحبّ فيما بينكم، فهي مجرد اقتراح .

د.نبيل طعمة

شاهد أيضاً

استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة …