تتناغم الحروب والاعتداءات في أهدافها ونتائجها، فمن الاعتداءات العسكرية المباشرة، مروراً بدعم الأذرع الإرهابية الوظيفية، إلى الحروب الاقتصادية والحصار والتجويع، كل ذلك صور وأشكال لنهج وفكر عدواني واحد يرمي بالأساس إلى تقويض بنى الدول المستهدفة نظراً لكون سياسات هذه الدول وقراراتها وخياراتها، بل ومقارباتها للموضوعات الدولية، على تضاد مع سياسات الدول المعتدية.

كل الحروب ولو أمعنّا النظر فيها، أساسها القضاء على البنية الأولية والجوهرية لأي دولة، وبالتالي على البنية التحتية، والتي بدورها تُفسح المجال للدول المعتدية للغطرسة وفرض الإملاءات والسيطرة الناعمة، وتمرير أهدافها ومصالحها.

كل هذا ليس جديداً أو مستغرباً في فضاء الوقاحة الأمريكية الصارخة، ويبدو واضحاً أن الوقاحة الأمريكية تجاه سورية لا حدود لها، والتصريحات الصادرة عن جيمس جيفري مؤخراً تمثل اعترافاً صريحاً من الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين، حيث تفاخر جيفري بأن بلاده هي من تسبّبت بما حل بقيمة العملة السورية إثر فرض الولايات المتحدة بشكل عدواني جملة من الإجراءات القسرية العدوانية على سورية تمس بشكل مباشر حياة الشعب السوري.

تصريحات جيفري تشكل اعترافاً صريحاً من الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين وأن تشديد الحصار الاقتصادي الإجرامي هو الوجه الآخر للحرب على سورية بعد ترنح المشروع الإرهابي أمام الهزائم المتتالية لأدواته من المجموعات الإرهابية.

لا نستغرب تصريحات ووقاحة مسؤولي الإدارة الأمريكية، فما يقومون به هو ديدن ممارساتهم، لكن نتساءل عن مستوى هذا التماهي الأوروبي الغبي مع واشنطن، في أهدافها العدوانية، في الوقت التي تزعم الدول الأوروبية زوراً وبهتاناً “حرصها” على المبادئ الإنسانية وحقوق الشعوب وسيادة الدول، بمعنى كيف يستوي هذا “المنطق” مع دعم الحروب وسياسات التجويع الحاقدة؟

وينتفي الاستغراب حين نتيقن أن الأوروبيين قد أدمنوا أو استمرؤوا هذه المواقف في ظل واشنطن رغم أنها خذلتهم غير مرة بل طعنتهم في غير مناسبة وذرت الرماد في عيونهم والأمثلة عديدة.

خلاصة القول إن سياسات الحصار الهمجية، من دون أي مسوغ قانوني أو دولي، كانت ولا تزال جزءاً من السياسات الإمبريالية الأمريكية والغربية، والوجه الآخر للإرهاب الذي سفك دماء السوريين ودمر منجزاتهم.

شوكت أبو فخر