السَّقف

مسطّح عُلوي، غايته تشكيل الحماية للنتاجات المادية الإنسانية، لا أن يمنع الرؤية عن كلِّ شيء فوقه، ولا يمنع التفكّر بآليات اختراقه، بكون الأفكار لا مادية تتمتع بعين العقل والقلب، رغم امتلاكه لمعاني الكاهن البوذي، والأُسقف المسيحي، والإمام الإسلامي، والوالي السلطاني، والأب العقائدي ذو الاتجاه الواحد الغير مؤمن بالإطلاع على أفكار المحيط ، ووقوع وجوده كغطاء للفكر المادي أو اللا مادي وللبيت أيضاً ،

فإذا حدث المنع كانت الطّامة الكبرى، حيث الانحصار يظهر خطيراً، ويتحوّل صاحبه إلى أداة مُسيَّرة بفعل أن هناك سقفاً يمنع النهوض أو التطلع إلى الأعلى واليمين واليسار ، مؤمناً بالتقوقع على ذاته، فاقداً لكامل عمليات الإبداع الذاتي الفردي، وعدم المقدرة على الالتحاق بالجمع الباحث عن الألق وإحداثه، حيث يظهر على شكل المعرقل لخطوات التقدم والتطوّر.

ما معنى السقف والسقيفة؛ الذي والتي كلّما حاولنا النهوض ارتطم رأسنا بهذا المسطّح القابع فوقنا، نتألّم ننسى أو نتناسى الفكرة والتفكّر، منشغلين بتلك الصدمة المؤلمة، مقتنعين بإرادة البقاء تحت ذلك السقف المتجسِّد في الخطوط والدوائر الحمراء، وأعني سقف الأسرة، وسقف العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كتابوهات ترسم الوهم والتوهّم بأن لا مدعاة للخروج منها، على الرغم من امتلاك قوةِ وقدرةِ تحريكها واختراقها .

ما معنى السقف وهل نحن مسقوفون، وهل هناك سقف للفكر والتأمّل والعلم؟ فإذا وُجد، من أين يمرُّ الوحي الذي يطوِّر الوعي، ويدرك الفهم، وأيضاً كيف يمتلك الأمل، وتنفّذ جودة العمل، وماذا يعني أن يكون لكل واحد سقف، وهل هناك صانع يحدد مستواه، ومدى مساحته فوقنا – درجات ارتفاعه أو علوّه أو قربه منا- لا يريد لنا اختراقه أو تجاوزه أو إحداث ثقوب نفاذ منه،

أم أننا نستطيع إنجاز فتحات فيه ورفعه، إن تمتّعنا بثقافة الحبِّ والانتماء وطموح الارتقاء، وللعلم، إن المكوّن لم يضع سقفاً بينه وبين تكوينه الحي؛ الذي اختصّه أي: الإنسان، فكان منه أن استطاع أن يعرُج إليه الأنبياء، كما رفع السيد المسيح وقرّبه منه.

لنحاول ضمن هذه الحوارية أن نخترقه وليكن ما يكون، إن كنّا جميعاً قادرين على تحمل آلام اختراقه، كيف تبدو الصورة الداعية لإحداث تلك الخروقات فيه؛ بل لفتحه من أجل إحداث عملية الحوار، بغاية الوصول إلى التطور، ولماذا نحدثها، أمِن أجل تحديث وتطوير الفكر، أم من أجل التمرّد على الواقع المنظور وآثاره؟

بكون الساقف أراد إبقاء الواقع ضمن الوقائع بدون حلول، وإنشاء الحدود فلا يمكن تجاوزها، وإلاّ اعتُبر متمرداً والذي يتمرّد يمتلك السلطان، والسلطان هو العلم الذي ينفذ به الإنسان إلى أقطار السماوات وإلى ما تحت الثرى، لحظة إيمانه العلمي بضرورة تحويل المادة إلى طاقة، فالمكوّن الكلّي أوجد سقفاً واحداً وطالبنا باختراقه من أجل الوصول إليه، فمن ذاك الذي اخترع السقف المادي هل لكيلا نصل إليه، أو لمنعنا من التفكر فيما تحت السماء، والبحث تحت الثرى ضمن مكنون الأرض؟.

تعال أنت، وأنا، وهو، كي نشكّل ” نحن”، نسأل أثناء اجتماعنا عمّن سقَفنا أو أوجد هذا السقف؛ الذي يؤلم رؤوسنا لحظة محاولة النهوض، وغايته أن نتألّم ونبقى في دائرة البحث عن علاج الألم، مانعاً بذلك محاولات تجاوزه أو حتى عرقلة اختراقه، علاقة نبحث نتائج سقفها،

أي: الوصول في النتيجة إلى الصفر، حيث تكمن الغاية المحتاجة إلى الوسيلة التي تعود بنا للانطلاق من جديد، بغير الخوف من مقولة ” معرفة قدر النفس” والوقوف عندها، دون متابعة للمحاولة الكامنة ضمن نظرية ” الإنسان ابن المحاولة “، أيها الإنسان ما حكمك على جوهرك، من تحكُم ومن يحكُمك؟،

أيّ قدرة وطاقة تمتلك، وأيّ بقاء تسعى إليه، ومدى قناعتك بأنك منتهٍ، ما معنى وصلك، وتواصلك، وجودك، وفناؤك؟ قل لي إلى أين أنت وأنا وهو ” المشكلين للغة نحن ” ذاهبون؟ .

هل غاية وجود السقف أن لا نتطلّع إلى الأعلى؛ بل إلى الأمام والمحيط فقط؟ ملتزمون بالمثل القائل ( رحم الله امرأً عرف حدّه فوقف عنده ) ولماذا نقول عن شخص ما: إنّ هذا سقفه، وفي أقصى الحالات يكون سقفه كذا؟

وصحيح أنه لا يمكن لنا العيش دون سقف مادي معروف ومعرّف، فإنني لا أقصده هنا، إنما أقصد ذلك السقف العقلي، والفكري، والعلمي، والاجتماعي، والوطني .

سؤال أخير حينما يتآكل السقف ويتهرأ، وينسج العنكبوت عليه ممالكه التي تصطاد أيَّ فكرة طائرة، من هو القادر على إصلاحه وترميمه أو إعادة بنائه، وإذا انهار هل يمكن أن نستعير سقفاً؟.. بكون الحداثة أوجدت سقوفاً مستعارة .

د.نبيل طعمة

شاهد أيضاً

استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة …