لا يحتاج المرء خبرة تخصّصية في الغناء والموسيقا ليقول شيئاً بخصوص المطروح في سياق مواكبة الحدث السوري بوصفه حدثاً وطنيّاً وبوصفه حدثاً كونيّاً اشتغل عليه العالم وأشغل العالم أيضاً. والمؤسف أنّ ما تبثّه شاشات التلفزة الوطنية من أغانٍ هابطة ومسفّة في الهبوط تسيء من غير مواربة إلى المرحلة وإلى الوطن وإلى البشر والحجر الراسخ المشغول بحرفية التاريخ، وشغف الجغرافية المحلية على امتداد آلاف السنوات. ربما نقسو على منتجنا الوطني المحلي (الغنائي) (والأسوأ هو الغنائي الراقص) وقتما نقارنه بما يكتظ به موروثنا العريق من أوابد في النحت والنقش والأدب، ولذلك نستحسن البقاء في السياق الذي أنتج في العمر الفتيّ لسورية الحديثة أناشيد وموسيقا وأغنيات وطنية استطاعت أن تواكب الأحداث الساخنة وأن تكون في حدّ ذاتها جزءاً من الأحداث ذاتها، بدءاً من مرحلة إنجاز مرحلة التحرر الوطني والوحدة مع مصر مروراً بحرب حزيران وما تلاها إلى يومنا الراهن، وكان الأهمّ في المشار إليه من تلك الأناشيد والأغاني أنها تجاوزت راهنية الحدث وتجاوزت تخوم الزمان والمكان، واستطاعت أن ترسّخ ذاتها في السلسلة الثقافية وفي الوجدان الجمعي لأبناء المنطقة الذين نعموا في تاريخهم الحديث بقصائد مغناة من مقاس (في سبيل المجد) و(بلاد العرب أوطاني) و(وطني حبيبي الوطن الأكبر) و(لبّيك يا علم العروبة كلّنا نحمي الحمى) و(سورية يا حبيبتي) ناهيك بعشرات الأناشيد المماثلة، إن الأغنيات الرديئة المعتمدة اليوم في سياق مواكبة الحدث، جزء من الحرب على سورية، والرقص الرديء المصاحب قتل مضاعف للشهداء.

د. صلاح صالح