تراجع قروض الدخل المنفذة يومياً مؤشر على شح السيولة ليس إفلاساً وإنما سياسـة تجفيـف لمجابهة المضاربة على الليرة وتجار العملة

كثر الحديث في الآونة الأخيرة، وبالتحديد خلال الفترة التي ارتفع فيها سعر صرف الدولار أمام الليرة، عن شح في السيولة لدى المصارف العامة، ولاسيما المانحة لقروض الدخل المحدود أو القروض الاستهلاكية بمختلف أنواعها ومسمياتها، فالمصرف الذي كان ينفذ حوالي خمسين قرضاً يومياً، لم يعد ينفذ أكثر من 10 قروض، وهي حالة موجودة لدى تلك المصارف وظاهرة للعيان ولا تحتاج دليل إثبات.
وفي وقت تتكتم فيه المصارف على أسباب نقص القروض المنفذة، يتحدث الكثيرون من عملاء المصارف عن عدم قدرتهم على سحب حاجاتهم من حساباتهم أو إيداعاتهم لدى المصارف العامة، وهناك من يقول إن أزمة سيولة تجتاح تلك المصارف وإنها لم تعد قادرة على تأمين متطلبات عملائها من السيولة المالية، إلا أن بيانات المصارف العامة البالغ عددها ستة مصارف والمُعلن عنها منذ بداية العام الجاري تنفي هذه الأحاديث جملة وتفصيلاً، وتؤكد أن سيولة كل مصرف لا تقل عن 45% وبعضها سجلت 50 – 60%. «تشرين» استطلعت أجواء المصارف المانحة لقروض الدخل، ولاحظت انخفاض عدد القروض المنفذة يومياً في وقت من المفترض أن يكون فيه مؤشر الإقبال على القروض من قبل ذوي الدخل المحدود مرتفعاً ولاسيما بعد رفع سقفها إلى مليون ليرة، ولكن المشهد يرسم صورة معاكسة تماماً، فعدد القروض المنفذة يومياً لا يتجاوز الـ10 – 15 قرضاً، وهذا الأمر يتعلق بحجم الأموال التي يحصل عليها المصرف المُقرض من إجمالي حاجته الفعلية من السيولة من المصرف المركزي، وهو ما أكدته مصادر مصرفية مطلعة لـ«تشرين» بقولها: إن مصرف سورية المركزي ومنذ ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اتبع سياسة جديدة في إدارة السيولة أو ما يُعرف بالمصطلح «تجفيف السيولة» وهي أداة يستخدمها المصرف المركزي بشكل غير معلن، أي إن تنفيذها لا يرتبط بصدور قرار ورقي أو توجيه أو تعميم يحدد سقف السحب اليومي من المصارف. وعادة ما تلجأ البنوك المركزية إلى استخدام هذه الأداة عندما تواجه طلباً متزايداً على القطع الأجنبي ولاسيما الدولار، أو لمجابهة التضخم، ومصرف سورية المركزي، حسب المصادر، اتبع هذه السياسة من أجل مواجهة تجار العملة والمضاربين على الليرة لأنه شعر بأن ارتفاع سعر الصرف إلى معدلات غير مسبوقة خلال الشهرين الماضيين سيدفع البعض إلى سحب إيداعاتهم بالليرة وتحويلها إلى دولار من أجل المضاربة، لذلك اتخذ قراره بإدارة السيولة على نحو يمكن فيه جميع العملاء من الاستفادة من الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف، بحيث لا تؤثر السحوبات الكبيرة في جميع العملاء، وتالياً عدم التمييز بينهم وتقديم السيولة المطلوبة بشكل عادل، حتى إن جميع المصارف العامة استمرت في تغذية صرافاتها الآلية ولم تخفض سقف السحب المسموح به يومياً، وهذا دليل على أن السيولة موجودة ولكن وجود مضاربين على الليرة والحملات التي تهدف إلى زعزعة ثقة المواطن بعملته دفعت إلى اتباع أدنى مستوى من سياسة تجفيف السيولة. وتبقى الإشارة إلى أن مبادرة رجال الأعمال التي بدئ تنفيذها مؤخراً ستسهم في تخفيض سعر صرف الدولار كما هو متوقع، وتالياً فإن الوضع سيعود إلى سابق عهده بالنسبة لإدارة السيولة وتأمين متطلبات المصارف اليومية كاملة.

إبراهيم غيبور

شاهد أيضاً

وزارة الدفاع: هدفنا الوصول إلى جيش متطور يعتمد على المتطوعين

شام تايمز – متابعة أكد اللواء “أحمد يوسف سليمان” المدير العام للإدارة العامة في وزارة …