وفي استطاعتي أن أثبت من أنا، ولكن لم أستطع حتى اللحظة الوصول إلى إثبات ليس أنا، وبما أني أمتلك القدرة على مقاومة كلِّ الأشياء، ولا أمتلك القدرة على مقاومة إغراء البحث في قدرته والوصول إليها، وفي اعتقادي، كما الكلّ المتكون من كونك نافخاً فيه من روحك، لن يقدر الإحاطة بملكوتك، أي: ليس أنا، وفي ذات الوقت كي أصل إلى ( هو)، أنت أنا وأنت ( هو) العليم الخبير، و( هو) الكلي المحيط، و( هو) العلم الكبير؛ الذي مهما نهلت منه لن أؤتى إلا القليل، وهو الكامل وأنا النسبي، أسأله بكونه عالم الأسرار يعلم السر وأخفى،
سؤال استثنائي أول ما يتبادر إلى عقل الإنسان العاقل من الطفولة؛ التي تعي الخوف والحبّ والخشية، وإلى قرار الارتحال عن العالم المادي: من هو الكلّي، وأين هو، ولماذا لا نراه، وأيضاً متى سيزورنا، وهل يأكل أو يشرب، ويلمس، ويرى، وهل هو مادي أم لا مادي، هل يمكننا أن نحادثه ونناقشه كما حاوره موسى النبي عليه السلام شخصياً، ورسمه يسوع السيد المسيح أباً إليه منا السلام، ورفعه ونزهه محمد الرسول العربي عليه السلام بعد أن عَلم ماهيته العلمية، حيث قال أنا أعلمكم في الله؟
فهل يسمح لنا الذي يريدنا التفكر به، أن نفكر في تبادل الأسئلة والأجوبة معه أي أنا وليس أنا ؟ وهو الأحد الذي لا يقبل التثنية، طالبنا بالحبّ قائلاً: من يحبّ يحبني، ومن يكره يكرهني، الحبّ أنا وأنا الحبّ، فلماذا أوجدتَ أنت أيها الإنسان الكره؟، وهو لا يعرفه، كلانا يحبّ الحبّ فمن أين أتى الكل؟
وبما أنه استعمرني في الأرض بعد أن صاغني بيده هو، أستعير لغة المخلوق وأسقطها على الخالق، فمَن أنا، ومَن أنت، ومَن أوجد مَن؟ وما حاجة الظاهر لباطن، والجوهر لمظهر، والأول للآخر والألف للياء، وما أهمية وجود ما بينهما؟
من يمنع الفكر، ومن يهاجم التفكير، أو يستطيع أن يمنعني أن أفعل بعد كلّ الذي فعلته وأنجزته، آمنت كامل الإيمان به، ومازلت عاشقاً وخاشعاً، أقف أرفع يديَّ وأركع، أخفض أجنحة الاعتراف بالتذلل للكل الموجود فيها، وأسجد معترفاً بضعفي أمام جلاله وعظمة قوته وقهره لعباده بالموت، أعتكف، أتهجّد، أطوف، أسعى، أرجم شيطاني وسواسي الداخلي؛ الذي يحاول بين الفينة والأخرى التلاعب بأفكار إيماني بالحياة ووجودها، وأسباب وجودها وعطائها.
أدعوه بكل مسمّياته، والتي هي في حقيقة أمره صفاته صفاتي، أمعن العقل فيها أجدها ذاتي، فإذا كان سرّه سري كي لا أتجه إلى داخلي، ألا أخجل من جوهري جوهره، فلماذا أقيم الذبائح وأؤدي النذور، لم أقدمها له من أجل الخطايا التي ارتكبتها، أم من أجل التقرب إليه، هل هو في المحيط، أم هو جوهر الكلّ؟،
وطالما أنه علاّم الغيوب وكامل أسراري، فكيف بي أدعوه، هل يسمعني؟ ألا ينبغي أن أدركه ببصيرتي، حيث لا تدركه الأبصار، ماذا يؤرقني حينما أكرر السؤال، ماذا يريد مني، وأنا الذي بلغت من العمر عتياً، أنجزت ما أنجزت: أسرة وعملاً، ومادة مادية ومعنوية، وتفاعلت وانفعلت، وصرخت الصرخة الكبرى، فجاءني صوته من صوتي صدى سمعته،
هدأتُ، ومن ثم خشعت، وخشيته حباً وألماً وتزكية وعتاباً، ودموع بهجة الوصول لمحاكاته في داخلي ورؤيتي له، حيث لا يتم هذا إلا بعد حصول التصالح ما بين المظهر والجوهر، وحينما نسأل عنه بقصد حواره نكون بالتأكيد منفصلين، ومختلفين، ومتلونين بألوان الخلاف، التصالح يحدث لحظة مشاهدة ارتحال الآخر إليه، أي موت القريب من الأصول أو الفروع أو البعيد القريب، بحكم وجود صدق صداقة الصديق أو كذبه، تتوقف كشاهد يشهد المشهد، ويطالبك بأن تشهد، فتطالبه بعالم الشهادة، فلم أشهد وعلى ماذا، ومن أجل ماذا؟
هو له ولي ولك ولنا، ماذا يحدث لحظة مشاهدتك لهذا المشهد، أهو جلل أم خلل بيئي أم بنيوي، وهل هو عبرة وقصاص، والغاية أن نعتبر، وهل القصاص دنيوي يحدث نتاج أفعالنا موجبة أم سالبة؟ .
لماذا هناك رحلة: الأولى عذاب وشقاء، والثانية سعادة وراحة وبقاء، ولماذا يكتب هو أولئك سعداء، وهؤلاء أشقياء، كيف هو ( هو )، وكيف أنا ( هو ) ، وكيف ( هو ) أنا، لماذا وُجدت بفضله، أمِن أجل الشقاء والرحيل، أمِن أجل السعادة والبقاء؟، وبما أنه يعطي ويأخذ ويرفع ويخفض ويعزّ ويذلّ ويغني ويفقر، أسئلة تتلاعب بعقول الجمع من جنس الإنسان، لا تستثني أحداً من الموجود الحي، وهو الحي الباقي على الدوام .
إني مؤمن، والمؤمن مبتلى، ومتوافق في ذات الوقت ضمن القناعة العاقلة، والمحتكمة من مظهري إليه في جوهري بأني لن أخلد، ولغة الحبّ لغة قوة، فلماذا تريدني أن أتذلل، وأن أبدو ضعيفاً، صحيح، إنني أشد المخلوقات خوفاً وهلعاً، وأدرك أنك جعلت سرّك في أضعف خلقك بدءاً من البعوضة وانتهاءً بالبراكين والزلازل والأعاصير والبراكين والطوفان، وأنك قادر في لمح البصر أن تأخذ الروح مني وأنت ( هو ) المسؤول عن وجودها في داخلي ؟
وأؤمن بأنك سبب أسباب حركتي، وفي حقيقة أمري أعلم أنني منتهٍ كمادة لا محالة إليك، أما المادي صنع عقلي وفكري ويدي، حيث أوجدته أمام ناظري، ويطالبني بأن أدفن ما أنجزت أو ما أملك، ما بنيت في حياتي، يطالبني بأن أرى ما صنعت معه، يموت أمامي، أحمله وأمشي إلى دفنه بذاتي، وأنا مقتنع بأنه سيدفن المادي مني،
أي: مظهري، حيث أن جوهري جوهره، والجوهر لا يدفن، هو يراني وأراه في بصيرتي بكونه العقل الكلي يفكر بعين الاستعارة، يراني بها وإرادته أن يريني رحيل ما أنجزت، مطالباً أن أرضى بالبقاء بعد رحيل ما أنجزت معه وصنعت له، ما أراد أن أصنع كي تتجلّى حقيقته التي أنجزها من كن، وصنعها وكونها حقيقة، أسألك بحق ما صنعت، وأنا من صنعك، وفي الناتج كنت لك صورتك على الأرض، وخليفتك أشبهك وعَيلٌ من عيالك، أبناؤك الذين أرسلتهم بعد أن أوجدتهم ليتحدثوا عنك، عن جمالك وجمال خلقك، ألست تحبّ الجمال ولذلك كنت وستبقى الجميل .
ماذا يريد مني؟ وهو الذي حصرني بين نقطتي البداية والنهاية، الألف والياء، الولادة والموت؟ هل من أجل لقائه، أخاطبه أنا حبك وأنت الحب في جزأيه: الأول هو روحي والثاني هوى الإنسان، أنت أسبابه في الجوهر والمظهر، أطالبك بأني أريد أن ألقاك اليوم وليس غداً دع عني .
ماذا يريد مني؟ أمِنْ أجلِ أنْ أفرضَ تلك الصراحة على مفرداتي، وهو الرقيب العتيد الذي يتجول حياً لا ينتهي في داخلي، وداخل كل شيء حي، وأعني به أني المنتهي ضمن إرادته التي لا أسيطر عليها، بكونه يعني لي الكثير في المطلق، وبما أنه مهد ليَّ السبل، وكان له أسباب وجودي من سبب وجوده، ويعلم ما لا أعلم، وأنا أسعى لكي أعلم، فكيف يكون لي ذلك، فإذا فقدت التفكير فلا معنى لوجودي، وإذا امتلكته فهذا يعني أن ليَ الحق في السؤال عن أسباب الوجود، وأمتلك طرائق وسبل وجودي في الاختيار،
وأنا الذي أختار، إذاً من أنا؟ ومن هو؟ وإذا كان هو أنا، وأنا هو، والوحدة بيني وبينه ثنائية على شكل معادلة رياضية أو فيزيائية أو كيمائية تؤدي إلى ناتج جديد هو الحبّ، فكما أن الجميع محتاج للحياة، والحياة مالكة مسببات أسباب الوجود وطاقته، هذا يعني أننا محتاجون للحبّ، والحبّ هو، وهو أنا، حاول الكثير فهم هذه المعادلة، وأنا أضيف أن البديهية هي أصعب المفاهيم، وإلا لم يكن هناك أيّ صعب أو مصاعب أو صعوبات، فهي التي تعيدك إلى نقطة البدء المتواجدة في البداية والنهاية .
ما معنى أن أفقد الأحياء الذين أنا منهم، أثناء مسيرة الحياة، أو أن يفقدوني، وإلى أي مدى أستطيع أن أتوقف هنا لأسأله: لماذا منحكم أنا بين نقطتي الولادة والرحيل، من أجل أن أدرك أنه البقاء ماذا يريد مني؟ وهو الذي بيده الملك يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وماذا أريد منه، وأنا الذي قادر بقوة ضعفي أن أحوّل المستحيل إلى واقع في المادة، وصحيح أن له الروح وسرّها وأسرارها والتحكم بها، بكونها منه وله ولي المادة وسرّها وأسرارها،
أوجدني كي أوجده فيها، حيث أنني من روحه، وهو روح الأشياء كلها، هل لأنه امتلك سرَّ الأسرار، وأودع في داخلي سرّ البحث عن أسراره، من يقترب منها يقترب منه، ومن يبتعد عنها لا وصل ولا وصال معه، روحه روحي النسبية، حيث أنني من نسبته أنتسب إليه في التقسيم، وينتسب إلي في الجمع، بكونه كلياً أزلياً وأنا مفرد أو مفرده جزء، أنتمي في البحث عن نسبته النهائية، أجدها فيه وبه ومعه وبدونه ،لا نسبة ولا تناسب لي، هل لأني صُنعت من الماء والتراب، وأن عليَّ أن أتبخر لأشكل السحاب، ومن ثم أتقاطر مثل الندى أسقي التراب مجدداً.. أغني المدى كي ألِد من جديد.. وروحه فيَّ تتجددا .
لماذا أرادني متنوعاً وأوجدني ملوناً في المظهر، وقسم الاعتقاد به إلى مثلث غير متساوي الأضلاع، متشابه مع مثلث الماضي المتمتع بالحكمة والحاضر؛ الذي يمثل قوة الظهور والمستقبل الذي نسعى إليه، نقرؤه في اللامنظور المتمثل في الأمل المجهول، ويتجانس مع العناصر الأساسية للمادة الحية الجامدة، والمتحركة المتجسدة في ملح الأرض والبحار، وكبريت تكوين المعادلات وزئبق الانفلات والانعتاق،
وكل ذلك متعلق بالدورة الحياتية؛ التي تخصّ الإنسان: الولادة والحياة والموت، حيث يصل لأسباب وجوده وقيمها: ” الحب تعلّق، والعلم تخلّق، والخشية وصل واتصال”، مما يدفع الإنسان إلى العمل وفهم ضرورة الإنتاج، والأهم من ذلك إنهاؤه بالجودة، حيث بها الختام من أجل الحصول على الحسن والاستحسان، مسارات مثلثية تشكلت ضمن العقل، تنجب لغة مناقشة الموجود، تظهر على شكل مواضيع مترافقة مترابطة لا انفصال لها، وفي ذات الوقت مضافة على بعضها ومختلفة بأبعادها، ومنها أجد ضرورة مطالبتي الدائمة بالبحث عنه بالاجتماع معه، من أجل زيادة نسبة منه، كيفما كنت وأيّ معتَقد حملت،
وحيث أني لا أستطيع الانفراد، أي: أنه لا يمكنني العيش وحيداً لأني كائن إنسي، أحتاج للإنس المتسلسلة مني، فهو الثابت المحيط والمتداخل معي، ومع الموجودات بالعقل والإحساس، فمن أين أجمع إن لم يكن هناك اجتماع؟ وحينما يطالبني بأن أعمل صالحاً يرضاه؛ من أين لي ذاك الشرّ، وكيف وُجِدَ في داخلي، وكيف يسمح أن أعمل به، وأنا الذي أسعى لأن يأخذني معه، وأعمل بين نقطتين من أجل الالتقاء به، فهو الحبّ واعتقادي أنه بالحبِّ أوجدني فأوجدته من حبّه وحبّي له.
هل أقسو على نفسي أم أقسو عليه؟ وهل يحق لي هذا، وكيف يستطيع أيّ واحد من جنس الإنسان أن يسأله، ويتبادل معه الحوار، بغاية الوصول إلى كل ما هو ممنوع سؤاله؟ فهل مسموح أن نسأله، ولماذا توقف العلماء والباحثون والمتفكرون بالعلاقة ما بينه وبيننا عن الأسئلة؟ ولماذا أيضاً منعت وحرمت بعضها، وجُرِّمَ البعض الآخر حينما طرحوها؟ ما هي آليات الحساب؟ ما معنى سرّ المنح والعطاء والمنع والكيد، وسلامة اللسان وأخطائه، كيف يجري الإنسان إلى الخطيئة، أيُّ معنى لوجود الإنسان؟
إن لم يفهم ويعي ويتمكن من العلم بمكوّنه، ألا نسأل عن صانع المصنوع المادي، ونناقش جودة أو سوء صناعته، نتقبّله أو نرفضه، نثني عليه أو ندعو لعدم التعامل معه، هل صنعنا جميعنا جيدين؟ ما معنى وجود الطبقات الثلاث، والخير والشر والأضداد، كيف نناقش ذلك، وهل يحق لنا أن نناقش معنى الخوف والحب والخشية؟
ماذا يريد مني وأريد منه، هو لنا جمعينا، فلنتفكر كيف هو فينا، أي منه، وهل ممكن أن يتحول جزء من روحه إلى الكل في الواحد، أياً كان شكله ولونه وجنسه، إنساناً حيواناً نباتاً جماداً، وهل الأجناس تسأل أم الإنسان العاقل فقط، ولماذا نقول عن هذا عاقل، وعلى هذا غير عاقل؟ هل هو الأبيض، أم أنا، أم هو الأسود، أم أنا؟ وطالما أن الأبيض ينبلج من الأسود، فمن أنا ومن هو، بما أن الداخل الإنساني مظلم معتم أي أسود، هل يدخل إليه الأبيض ( النور) أم ينبثق النور منه؟.
شعور استثنائي، يتجول ضمن العقل الإنساني أثناء رحلة البحث عن الحقيقة، وأقصد بالإنساني أيّ إنسان حيّ على وجه كوكبنا الأرضي، وعلى اختلاف معتقده ومشربه ومذهبه، شرقاً أو غرباً شمالاً أو جنوباً، فهل هو ( هو ) عند الكل أم ( هو ) فوق الكل؟ ولكل واحد رؤية خاصة له به، وكلما تعمّق البحث تنشأ دوامة جديدة ودائرة متعددة المداخل والمخارج، وجميعها تدعوك – بكونها مظلمة – للمرور منها كي تصل إلى النور، فأيها تختار؟ الكثرة البشرية لا تحتاج كل هذا، بكونها فطرية تابعة، تكتفي برؤية الصباح وهو ينبلج، والغروب وهو يأفل، ولذلك لا تمتلك سوى رؤية ( هو ) التابعة للمجموع الهرمي على جغرافية منبتها لا أكثر ولا أقل .
أنا الإنسان متصل أم منفصل، بكونه هو متصلاً أزلياً سرمدياً، فإذا كنت منفصلاً؛ فكيف أعمر هذا الكوكب الحي؟ فبالانفصال يعني لا إعمار، الاتصال هو الذي يعمر الأرض، أي بتتابع، والمتابعة للعمل الحثيث والدقيق تُظهر البنيان على مختلف أشكاله، إذاً لمن أعمل في نظم الإعمار، وأبني وأصنع وأخترع وأبدع من أجلنا نحن الإنسان، أم من أجل ( هو )، أم من أجلنا نحن الطرفين المادي واللامادي .
لقد وصل الإنسان في رحلة بحثه عنه إلى درجات قصوى من الإبداع العلمي والجمالي والإبداعي، وأثناء بنائه وإعماره للأرض، واكتشافه اتساع الكون، ودخوله إلى أعمق متاهات الثقوب السوداء، من خلال فهمه للنسبية التي تمتّع بفهمها واشتغل عليها، وبها أدرك أبعاد كامل الأشياء والزوايا والأضلاع، واختلاف الليل والنهار، فإلى أين أريد أنا الإنسان الوصول أيضاً أثناء بحثي الطويل عن ماذا يريد مني؟.
ماذا يريد مني، وهو الذي خيّرني مابين الطاعة العمياء وبصيرة الإبداع، أي ما بين التسيير والتخيير، وبين البصيرة والبصر، فإذا كنت مسيّراً فلا حاجة للعقل الذي أحمل، وإذا كنت مخيّراً فأنا أختار طريقي ومنهجي، ومع هذا أكون متوافقاً مع ما صنع، أراقبه لأصنع مثله، بكوني صورته وممثّله وخليفته، فهو بالنسبة لي تمثالاً أحداً صمداً، أما إن كنت غير ذلك فلن أكون إلا عبداً، والعبودية ليست للعاقل وإنما لغير العاقل،
أي حينما أكون مخيراً، فلي الحق في دراسة، وتدقيق وبحث إنجازاته لينشأ الحبّ من قوة فعل المنجز وإبهاره في دقة المخلوق، والفرق بين المخلوق والمصنوع أن الأول يمتلك الروح الذاتية؛ التي تدفعه للحركة داباً أو زاحفاً أو طائراً أو سابحاً، بينما المصنوع يحتاج إلى من يصنعه، ومن ثم يشَغّله ويقوده على الأرض أو في السماء أو في البحر.
نعم أتجول في أعماق ظهوري على الحياة، أبحث وأمحِّص في تلافيف عقلي لأجد أنه يريد مني كل شيء، أي النتيجة القادمة من نتاجي؛ التي تعيدني إلى الصفر، لأبدأ من جديد، إضافة لتحريضي الدائم على التأمل، والتفكر، والعلم، والعمل، وإن أهم ما يريده أن يسكن جوهري الحبّ، فإذا امتلكته دخلت دائرة المعرفة بماهيته التي تؤدي إلى فهم أسباب وجودي ووجوده، وبهذا ينتفي سؤال ماذا يريد مني؟، حيث أدرك وندرك جميعنا أننا رسالة متصلة لا منفصلة، نسلمها لبعضنا من أجل ظهور البنيان، فإذا ظهر ظهرنا عليه، وكنّا مثله مثلنا.
د.نبيل طعمة