الميزان

ما هو الفرق بين الميزان- والقبان- والمكيال، وهل نخلط فيما بينهم في التعريف وهل هم متشابهون أم كل له معنى وحضور وحاجة.

فإذا أردنا أن ندل على كل بيان منهم لقلنا أنهم مختلفون وأن الكثير يخلط في الوصف والتوصيف والعرف والتعريف والمعنى والاصطلاح .
فالمكيال أداة فردية يمكنها التقدير بمفردها ضمن المواد والحجوم الصغيرة وبشكل خاص الناعمة منها والسائلة ويمكن الإضافة بواسطتها لتعدل الوزن وهي أداة قياس ومساعدة وغالباً ما تكون يدوية ويستخدمها نسبة من البشر كأداة مادية مساعدة.

أما القبان فهو وحدة وزن الحجوم المقدرة على الأرض بمجموعها ومفرداتها أي جماد وحيوان ونبات وإنسان وغايته أن يعطينا تعريفاً أن حجم أي شيء ما. كبر أم صغر له وزن “حتى الاسم الذي نحمله ونعرف من خلاله له وزن” لا مادي يتحول إلى مادي من خلال انجاز الافعال .

أما الميزان وهو ملتقى غايتنا وبحثنا فماذا يزن.. ؟ ومن يزنه؟ .

إنه يزن بالإضافة إلى كل ما ذكرناه الأعمال والأفعال والناتج البشري بمجمله فلو أننا نظرنا إلى بداياته لوجدناه عبارة عن كفتان وعارضة تحمل رأس الإنسان في جسده وعلى اطرافها اليدان وفي الرأس عينان متناظرتان كي لا تتلاعب الواحدة أمام الأخرى ولسان على شكل المؤشر ينطق بحقيقة ما يرى ،

أي أنه صنع على شاكلة الإنسان لا بل بالتأكيد أن من صممه أخذه من شكله، وفي المعنى الجلالي أن الإنسان هو الميزان حيث قال تعالى “والسماء رفعها ووضع الميزان” أي بعد حدوث العملية الروحية المتجلية في الفتق والرتق وظهور النظرية العلمية التي تحدثت عن الانفجار العظيم .

ظهر الإنسان من أجل أن يكون ميزان الحياة ومنه كان أن أوجد أشكالاً له رافقته وعاصرته منذ بدء تطوره مروراً من المشاعية البدائية الاولى إلى الحجرية والبرونزية والحديدية والذهبية إلى ما نحن به الآن من عصر الفضاء الذي أوصلنا كميزان إلى دقة لا متناهية فهو اليوم رقمي حسابي رياضي يفكر بعقل تكنولوجي مذهل ويعطينا النتائج حيث وصل إلى معرفة وزن الأرض وبعض الكواكب والنجوم ودقته أصبحت شعيرية ذرية “فمن يزنه”.

وللميزان أدوات كانت تستخدم لبيان كمية الوزن المراد وزنه وكانت لها لجان تعدلها وتدقق فيها كي لا يتم التلاعب فيما سنحصل عليه من وزن ولجان تتابع وتراقب دقتها ومخالفتها.

ويستخدم الميزان اليوم بالإضافة إلى ما ذكرنا في العدالة الاجتماعية الطبيعية والاصطناعية أي في البيع والشراء الاقتصادية والسياسية والقضائية- أي الحكم فيما هم فيه مختلفون والعدالة السياسية “وزن الحقوق” هل الميزان حاجة الضعفاء فقط وسلاح بيد الأقوياء.

إن التأكيد على أن الميزان هو الإنسان يطلب منا أن ندقق فيه وأن نبحث أكثر في ماهيته الحقيقة فما بين أيدينا أداة أو رمز نحن ميزانه الحقيقي نفعل بها ما نريد إن شئناها حقاً كانت وإن أردناها باطلاً كانت وكلما تعرفنا وتعمقنا إلى هذا الميزان تعرفنا إلى الحكمة واقتربنا منها فهو فينا فاعل ومنفعل أي يقيسنا ونقيسه يزننا ونزنه وهكذا تتولد علاقة جدلية غايتها إنصاف الحقيقة وإعادتنا إلى توازننا وتطوير سيرنا.

د.نبيل طعمة

شاهد أيضاً

استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة …