العالم والأخطبوط

الذي سعى من خلال مالكي العالم- الثماني الكبار- إلى تحويل أنظار باقي الشعوب المنتشرة على وجه الكرة الأرضية، وإشغال عقولهم به، فكيف تحوَّل إلى جاذبٍ خرافي، ودونما تفكير نحو هذا (البول)، ومواهبه الخارقة، والتي لم تخطئ حتى اللحظة في تحديد الفائز ولا مرة، من خلال حاسة الشمِّ التي يتمتع بها، فبدا أنفه وحاسته كأنف أبي كلبشة لا يخطئ أبداً،

لذلك نجد أن العالم بأسره بمن فيهم شعوب الثماني الكبار يعتمدونه و يراهنون عليه، منتظرين تنبؤاته بفارغ الصبر؛ بعد انتشار خبره و شيوعه بين القاصي والداني، بحكم وجود الرائي و الراني.. هل يعقل هذا ؟، وهل من الممكن تخيّله في زمن تسوده حكمة العلوم وإنجازاته الخارقة، وإبداعاته الملموسة.

وحينما ندقق في هذا (البول ) نتفكر في معاني وجود الخطط والمعطيات وتحليلها، ومفاهيم الساعي للوصول إلى الأهداف، هل سيلغي وجوده العقل، واستيعابه بالوقائع الظاهرة والخفيَّة، ما معنى حركة التاريخ ومسيرة البناء والجهد الواجب بذله من أجل استمرار الحياة، وأين هي قوى التضاد، وما معنى القدرات الهائلة التي يتمتع بها البصر الإنساني وبصيرته العاقلة، هل الغاية – بالاعتماد عليه بهذا الشكل- تحويل العقل البشري الذي يشبه كرة البيسبول الأميركية إلى كرة قدم تتلاعب به الأقدام، فتنتهي مهمته الأساس التي أوجدته في الرأس البشري،

وهل أضحى الزمن الحاضر وما سيأتي منه جداراً أصمّ يمنع الشعوب من التفكير، وهل علينا العودة إلى زمن موسى وسحره وكهنته وعرّافيه ؟ ما معنى وجود مفاتيح اللعب بعقول البشرية بيد الثماني الكبار؟ مسألة أعتقد – كما أنتم معي- أنها تستحق التوقف عندها والتأمل فيها ملياً.

لماذا؟ لأن ما يسود العالم اليوم من عرافة، وشعوذة، وسحر، يعود بنا إلى زمن موسى، التشابه كبير بين الحاضر المعاش وذلك الزمن، وحينما نعلم أن الحصار والعلم والقوة والمادة بيد فئة قليلة، تسيطر بها على المجموع، يتم إلهاء الشعوب بالخرافات والشعوذة، ونشر السحر،

وكما سادت علوم التحنيط زمن الفراعنة وإبداعات البناء، فنحن نرى اليوم عصر الفضاء، ومثلما سيطر الفرعون تسيطر مجموعة الثماني، وكما احتاج الفرعون إلى العرافين والكهنة وعصا موسى؛ نجد اليوم أن مجموعة الثماني احتاجت الأخطبوط ذي الأرجل الثمانية، و للعلم، إن الأخطبوط تجذبه رائحة طعام خاصة،

ومن البديهي أن يضعوا له طعاماً برائحة و آخر دون رائحة، فكيف تُخدع شعوب العالم بهذا..! إنه زمن عصا موسى التي تجسَّدت على شكل ثعبان هائل كبير يلقف كل الحيّات الصغيرة؛ التي يحاول الآخرون الاستعانة بها .

نعم، وأؤكد أن عصر الخرافة والشعوذة، واشتغال الناس ببعضهم هي سمة زمننا المعاش، فلقد تجاوز سكان الكرة الأرضية سبعة المليارات إنسان، وغدا من الضروري إلهاؤهم ببعضهم، والندرة هي التي تمتلك عصا موسى السحرية، تعمل على ابتلاعهم بعد أن تشاغلهم بالأخطبوط ( بول )، ولنتفكر بمعنى بول.

كرة القدم الجلدية تلعب بها الأقدام، تجذب إليها العقول، تتناهى النظرات إليها، تتابعها كيفما تحركَت، وحينما حاولت الشعوب التفكير بها، وبدأت تكتشف بأنها ملهاة جوفاء، لا تسمن ولا تغني من جوع تم استدعاء العرافين والسحرة والمشعوذين؛ من أجل جذب الانتباه إلى كرة الأقدام، والابتعاد عن لغة العقول،

وبعد أن كانت النتائج أيضاً ضعيفة جراء هلوسات هؤلاء؛ تم استحضار الساحر الأعظم، والمشعوذ الأكبر، والعراف الخطير، حيث صدق الأخطبوط ( بول )، وكذب جميع المشعوذين بالعربية والإنكليزية.  ( فوت بول ) وفي الألمانية ( فوس بال )، وبال وبول معنى واحد، كم هو مضحك ومحزن هذا العقل الذي يؤمن بالأخطبوط بول الألماني، والببغاء السنغافوري، والثعبان الفرعوني!، حاولت من هذا لفت الانتباه .

د.نبيل طعمة

شاهد أيضاً

استيراد الحلول

تحتاجها الأزمات، ليس فقط الطارئة والمفتعلة وإنما المبرمجة كأهداف استراتيجية مغناطيسياً؛ لكن جميعها مرصدة، وجاهزة …