شارة “الزند”.. انسابت بالعاصي “وبلّت ريق” متعطشي الموسيقى التراثية

شام تايمز – محمد حسن

“الشارة” هي الهوية الأولى للعمل الدرامي التي تقدم مقولته باستخدام اللحن والموسيقى والكلمات الرنانة لتعبر عن قصة المسلسل بأسلوب يدخل إلى عقل وقلب الجمهور، في محاولة لرسم بصمة درامية تبقى عالقة في ذهن المشاهد الذي سرعان ما يتبادر إلى ذهنه اسم العمل عند سماعه لهذه الموسيقى.

وشهدت شارات الأعمال الدرامية السورية أو كما يسميها البعض “تترات” اهتماماً ملحوظاً من قبل صنّاع الدراما، وكان آخرها مسلسل “الزند ذئب العاصي” الذي يلعب بطولته الفنان “تيم حسن” إلى جانب الفنانة “دانا مارديني“، فالعمل استطاع أن يسرد قصته ليس من خلال الفكرة والحبكة وتطور سرد الحكاية فقط، بل من خلال شارة البداية التي تستخدم “موال” جبلي معروف لدى أهل المناطق الساحلية “طرطوس واللاذقية”، وبهذا قدم للمشاهد فكرة عامة عن البيئة التي ينتمي إليها العمل والمناطق التي تجري فيها الأحداث.

ويحمل العمل شارتين مختلفتين “شارة البداية” وهي الموال الجبلي، وشارة النهاية بصوت “مها الحموي” بلهجة قريبة إلى تلك البيئة والتي يتكلم بها أبطال العمل، فمطلع الأغنية يقول “أنا وأنت رفاق الدرب يا بلاه”، فلفظت “يا بلاياه” كما أهل الساحل يفعلون، واستخدمت مصطلح “يا ويلي” الشائع لدى سكان هذه المناطق، حيث يستخدمونه عند وقوع المصائب والشدائد للتعبير عن هول ما حصل، فهو يدل على الفواجع والمشاكل الكبيرة.

يقول الدكتور “Divakar” في كلية الصحافة بمعهد “SRM” بمدينة “Chennai ” الهندية لـ “شام تايمز”: شارة أي عمل درامي تلفزيوني يجب أن تقدم للمشاهد الفكرة العامة من العمل، ويجب أن تكتب من وحي قصة العمل ككل، لأنها بكثير من الأحيان يمكنها أن تجذب المشاهد لمتابعة العمل”.

وأضاف “Divakar” أن من يكتب شارة العمل، يجب أن يكون على اطلاع كامل بقصة العمل وخلفياتها، فإذا كان العمل تاريخي مثلاً، يجب على الكاتب أن يبحث في الحقبة التاريخية التي تجري فيها أحداث المسلسل، ليعرف نوعية الموسيقى المستخدمة في ذلك الوقت، والآلات الموسيقية التي كانت موجودة في تلك الفترة، ليتخلص بعد كل هذه القراءة والتمحيص إلى أغنية تليق بالعمل وبفكرته.

وبالحديث عن الصورة المرئية التي يجب أن تظهر في شارات الأعمال الدرامية، فهي إما أن تستخدم لقطات ومشاهد من حلقات مختلفة من العمل، أو تستخدم دلالات ورموز تشير إلى قصة العمل، وهذا ما حصل في مسلسل “الزند”، الذي ركز بشكل كبير على إظهار أدوات تخص تلك الحقبة الزمنية وترمز لها مثل سنابل القمح في دليل واضح على ما يريد العمل إيصاله للمشاهد، فالأرض هي القضية الأولى التي يدافع عنها أهل القرى ضد العثمانيين، كما أنه استخدم “طاحون القمح” المصنوع من الحجر الصلب وهو آلة تقليدية قديمة كان يستخدمها الأجداد لطحن القمح واستخدامه في أطعمة مختلفة.

وليس غريباً أن تحقق شارات الأعمال الدرامية السورية نجاحاً كبيراً بعد الجهد المبذول من قبل القائمين عليها، فكم أكل الندم أجزاء فينا عندما سمعنا شارة مسلسل “الندم”، وكم تركنا “شبابيك” منازلنا مفتوحة على مصراعيها منتظرين عودة الحبيب بعد أن سمعنا اغنية مسلسل “شبابيك”، وكم شعرنا بالحنين إلى أرض كانت وما زالت لنا مع أغنية “ياسمين عتيق”، وكم بحنا ما بداخلنا إلى أنفسنا متحسرين، حزينين، يائسين لما حصل في بلدنا مع أغنية “مسافة أمان”.

شاهد أيضاً

“روضة الرفاعي”: الهدف من الفعالية هو إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الأيتام

شام تايمز – جود دقماق انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية وتحقيقاً لهدفه الإنساني، أقام النادي الدبلوماسي …