“الآيات لا تموت”.. ضحية جديدة يقتلها العنف الأسري

شام تايمز – كلير عكاوي

قضية جديدة تطفو على سطوح أدمغتنا وتعيد بنا التفكير في هتك حق الحياة لامرأة جديدة تنضم لسابقاتها اللواتي تعرضن للتعنيف بمختلف أشكاله وانتهت قصصهن بالموت.

“آيات الرفاعي” ضحية أخرى أمام العنف الأسري وتقديس الأفكار الذكورية التي تعتبر أن المرأة خُلقت لخدمة الرجل، حيث أحدث خبر وفاتها انتفاضة في وسائل التواصل الاجتماعي، مع الكثير من الشكوك التي أُثيرت حول احتمال تعرضها لعنف أسري أدى لمقتلها.

وبحسب ما تم تداوله عبر الانترنت، فقد توفيت الفتاة نتيجة تعرضها للضرب من قبل زوجها لأنها رفضت زواجه الثاني من امرأة أخرى، بينما آخرون أكدوا أن موتها جاء نتيجة ضربها لرأسها بدافع الانتحار، نافين وجود أية شبهة جنائية، علماً أن التحقيقات في القضية جارية.

وتحولت قصة “الرفاعي” إلى قضية رأي عام، حيث عبّر كثيرون عن تعاطفهم مع “آيات” بإطلاق هاشتاغات حملت عناوين بينها “العدل لآيات الرفاعي”، و”لا للعنف الأسري”.

وهناك دائماً جانبان لكل قصة، فلم تمنع الأصوات المتعاطفة مع “آيات” من ظهور أخرى تستنكر دور بعض الصفحات “الفيسبوكية” في نشر قصتها باعتبارها شأناً عائلياً لا يجوز فضحه، ناهيك عن مطالبة البعض سماع الطرف الآخر لاعتقادهم أن الرواية المنتشرة تعكس صورة ساذجة عن “آيات” في عدم البوح لأهلها عن مدى معاناتها وتعنيفها من قبل زوجها ووالدته وابن سلفها، داعين التريث قبل الحكم على العائلة وانتظار القضاء في أخذ مجراه.

وطالب العديد من المواطنين بكشف حقيقة وفاة الشابة داعين إلى سن قوانين تحمي الفتيات وتحقيق العدالة لهنّ وتكثيف الحملات التوعوية وسن قوانين أكثر صرامة لمحاربة أساليب التعنيف التي تتعرضن لهن النساء في المجتمعات العربية.

وكانت إحدى التعليقات عبر “فيسبوك” تعتقد أن النساء شريكات في العنف الأسري في سورية الذي يقع عليهن وعلى غيرهن، أي أن الأم عندما تنجب ذكراً تبدأ بتلقينه منذ الصغر بأنه أمير الأمراء ومختلف عن أخواته الإناث.

وبالرغم من الروايات العديدة التي تكون بمثابة مفرزات عن كل جريمة قتل إلا أن النتيجة واحدة واليوم ضحيتها فتاة لم تصل إلى عامها الـ 20 نتيجة تعنيفها وضربها ضرباً مبرحاً انتهى بالموت، بحسب ما هو متداول.

ويتساءل مراقبون ما السبب الذي يدفع امرأة إلى الصمت وتحمّل عنف يودي بحياتها؟، وهل محرّم على من يسمع صراخها أو يتخيّل خوفها أن يصمت ويقول “مادخلنا”، أو أن نكون أمهات نطبطب على أكتاف فتياتنا ونقول: “كل الرجال هيك.. ماعنا بنات اطلق”، وما علينا في نهاية المطاف سوى أن نقول كمتناقلين للحدث: “إن كنت لا تدري فهي مصيبة وإن كنت تدري فإنها مصيبة أعظم”.

وكانت آخر تصريحات المحامي العام الأول في دمشق “أديب مهايني” لإحدى الإذاعات السورية أنه لم يتم تأكيد سبب وفاة الشابة “آيات الرفاعي” أنه جراء التعرض للتعنـ.ـيف أو الضر.ب، وهناك شك أيضاً بوجود “مادة سميّة”، وبانتظار نتائج التحاليل لمعرفة ما إذا كان هناك مادة سميّة أدت للوفاة أو هو الضر.ب الذي أدى للوفا.ة.. والتحقيقات جارية قانونياً وطبياً لمعرفة الحقيقة كاملة.

وأشار “مهايني” إلى أن قضية وفاة الفتاة آيات هي أول حالة تسجل في “دمشق” نتيجة العنـ.ـف الأسري ويصل إلى القضاء حالات قليلة من العنـ.ـف الأسري التي نواجها، إلا إذا كان هناك مشاكل داخل المنازل لا تصل إلى الشرطة.

وأوضحت وزارة الداخلية في بيان لها جاء فيه إشارة الى ما يتم تداوله على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول مقتل المدعوة “آيات الرفاعي” في محلة “المجتهد” بدمشق نبين ما يلي:

بالساعة /22.00/ من تاريخ 31/12/2021م أخبر قسم شرطة القنوات في دمشق بدخول المواطنة المذكورة إسعافاً الى المشفى مفارقة الحياة من منزل زوجها في محلة ( المجتهد)، وعلى الفور تم ضبط إفادة الطبيبة المسعفة فأكدت أن المذكورة دخلت المشفى مفارقة الحياة مع توقف القلب والتنفس وحضر والد المتوفية ووالدتها وتقدموا بادعاء بحق زوج ابنتهم المتوفية بسبب وجود خلافات بين ابنتهم وزوجها وأنها كانت تتعرض للضرب من زوجها والمعاملة السيئة من والده وزوجة والده المدعوة ( قمر . ي) فتم توقيف زوجها المدعو (غياث الحموي) وبتحري منزله عثر فيه على قطعتين خشب على شكل عصا (خيزرانة) أحدها يوجد برأسها عدة دبابيس حديدية، تم مصادرتها.

 وبالتحقيق معه اعترف أن والده ووالدته كانا يضربان زوجته المتوفية (آيات) باستمرار بقصد تأديبها وتعليمها، وفي يوم وفاتها تعرضت للضرب من قبل والده مرتين الأولى نتيجة خلافه معها بسبب الماء الساخن، والثانية بسبب خلافه على فقدان مفك براغي كان يبحث عنه، وحصل بعدها شجار بينه وبين زوجته فأقدم على ضرب رأسها على الحائط ثم تركها بالغرفة وبعد حوالي ساعة حضر ابن شقيقه الحدث (ع . الحموي) وشاهدها بحالة مزرية وتم إسعافها.

وبالتحقيق مع والديه اعترفا بضرب المغدورة، وتم التحرز على الأدوات التي كانوا يضربانها بها، ومازالت التحقيقات مستمرة معهم، وسيتم تقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.

بدورها، المحامية “رولان مشوّح أكدت” لـ “شام تايمز” أن القضية ليست قضية “آيات الرفاعي” فقط بل هناك المئات يومياً من الآيات مكممات الأفواه وأبوابهن مغلقة على عدة جرائم يتعرضن يومياً لأشكال مختلفة من الإيذاء، مشيرة إلى أن أي اعتداء مبني على أساس الجنس والذي يتسبب إحداث إيذاء أو ألم جسدي جنسي أو نفسي للمرأة ويشمل أيضاً التهديد أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة.

وأوضحت “مشوّح” أن أهم التحديات التي تواجهها المرأة في الوصول للعدالة وقيود مفروضة على التدابير هي الافتقار إلى التجريم في العديد من البلدان، حيث لا يتم تجريم أعمال الاعتداء كختان الإناث والاغتصاب الزوجي والزواج بالإكراه وزواج الأطفال أو تكون غير قانونية ولكن يتم التسامح معها على نطاق واسع ونادراً ما يتم تنفيذ القوانين ضدهم، بحسب تأكيدها.

وتتعرض واحدة من كل 3 نساء للعنف الجنسي أو الجسدي خلال حياتهم 71% من ضحايا الاتجار البشري في العالم هم من النساء، حيث تعرّضت أكثر من 35% من نساء العالم للعنف الجسدي أو الجنسي على يد الشريك، بحسب وصفها.

وقالت المحامية: “بالرغم من الاتفاقيات التي جاءت لحماية المرأة كاتفاقية “السيدوا عام 1971م للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية اسطنبول عام 2014 بشأن مكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي إلا أن المرأة مازالت تتعرض للعنف والإيذاء والقتل في جميع الدول في الوطن العربي”.

ولابد من الاطلاع على القانون السوري الذي لا يقف مكتوف الأيدي تجاه هذه القضايا، والاطلاع أيضاً على المادة 536 التي تم إلغائها و الاستعاض عنها بالنص التالي:
١- من سبب موت إنسان من غير قصد القتل بالضرب أو بالعنف أو بالشدة أو بأي عمل آخر مقصود،
عوقب بالأشغال الشاقة سبع سنوات على الأقل.
٢- ولا تنقص العقوبة عن عشر سنوات إذا اقترن الفعل بإحدى الحالات المنصوص عليها في المادتين السابقتين،  بحسب ما أدلت به المحامية لـ “شام تايمز” من تفاصيل.

شاهد أيضاً

هل يؤدي تقييد السعرات الحرارية إلى العيش لفترة أطول؟

شام تايمز- متابعة وجدت دراسات مختلفة أن تقييد السعرات الحرارية يمكن أن يساعد الناس على …