عند تقييم جدوى الاستثمارات عادةً ما يتم خصم التدفقات النقدية الداخلية والخارجية بمعدل خصم للحصول على القيم الحالية لهذه التدفقات ولاحقاً يتم معرفة صافي القيمة الحالية فإذا كانت موجبة فإن المشروع مجدي اقتصادياً وإذا كان معدل هذه القيمة الحالية أكثر من الواحد الصحيح فإن المشروع مجدي أيضاً.
ولكن ما هو معدل الخصم الذي يتم اعتماده؟ وكيف يؤثر في جاذبية الاستثمارات إذا كان منخفضاً ويصبح طارداً للاستثمارات إذا كان مرتفعاً ؟ وكيف يتم حسابه في الاقتصاد السوري؟
جميعها اسئلة مهمة وبحاجة للتحليل والدراسة .
بدايةً معدل الخصم أو الحسم يمثل سعر الفائدة على القرو ض طويلة الأجل ضمن سوق مالية وهو بذلك يُعبر عن تكلفة رأس المال أي هو الحد الأدنى لمعدل الفائدة الذي يرى صاحب أي مشروع استثماري أنه لا مصلحة له بالاستثمار إذا هبط دونه.
وهو يتحدد عادةً في الاقتصاد عبر الاعتماد على معدل الفائدة كما ذكرنا سابقاً مع وضع جزءاً من نسبة التضخم النقدي في هذا المعدل مع نسبة مخاطرة على مستوى الاقتصاد ونسبة مخاطرة على مستوى القطاع الذي سيعمل المشروع في إطاره.
وبالنظر لارتفاع معدلات التضخم في سورية وتسجيلها لأرقام غير مسبوقة وصلت إلى حدود 45% فإن هذا التضخم لابد من أخذه بعين الاعتبار من خلال عكس جزء من هذه النسبة ضمن معدل الخصم الذي يتم اعتماده .
لذلك فإن معدل الخصم اليوم في سورية لا يقل عن 25% وهي تمثل النسبة التي لا يقبل أي مستثمر الحصول على عائد على الاستثمار أقل منها.
وهذا المعدل المرتفع نسبياً يفقد الاستثمارات جاذبيتها باعتبار أن عملية توظيف الأموال ترافقها عادةً درجة من المخاطرة فالمستثمر غالباً ما يعطي المبلغ الذي يملكه الآن أهمية أكبر من المبلغ الذي سيحصل عليه مستقبلاً لذلك يجب أن تغطي عملية الاستثمار على الأقل درجة المخاطرة والحرمان الآني من استخدام أمواله لإشباع حاجاته وهذا هو مبدأ نظرية القيمة الحالية .
ختام القول لابد من العمل لتخفيض معدلات التضخم عبر التحكم بالكتلة النقدية من جانب وتعظيم الناتج المحلي من جانب آخر, وعندها تتراجع معدلات الخصم لتتناسب مع معدلات الفائدة وهنا يكون الجذب الاستثماري في أعلى حالته وهذا ما تطلبه سورية في مرحلة الانتعاش الاقتصادي.
كتبه: د. عامر خربوطلي