من قلب الزلزال: كاتدرائية مار أفرام التابعة لطائفة السريان الأرثوذكس بحلب تُعيد اكتشاف روحها القديمة

شام تايمز_ حلب_ أنطوان بصمه جي

من بين ظلمة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سورية وخصوصاً مدينة حلب في شباط العام الماضي، ظهرت كاتدرائية مار أفرام التابعة لطائفة السريان الأرثوذكس كرمز للصمود والجمال. فبينما أصيبت واجهتها الرئيسية بتصدعات كبيرة، كشفت عمليات الترميم عن حجارة أصلية تعود إلى زمن بنائها الأول في عام 1924.

عودة إلى الجذور
يقول المطران “بطرس قسيس” مطران أبرشية حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس خلال حديثه لمراسل شام تايمز بحلب: “إن الزلزال كشف لنا عن جدران الكاتدرائية الأصلية، المبنية من الحجارة البيضاء الحلبيّة بأسلوب فريد يعكس تراث المدينة العريق”، ويؤكد أن الكنيسة تضررت خلال الحرب خلال تساقط القذائف، إلا أن الضرر الأكبر جاء مع الزلزال الذي ضرب مدينة حلب.

مع بدء عمليات إعادة تأهيل مبنى الكنيسة، ظهرت حجارة البناء القديمة التي بنيت بها الكنيسة في الأصل. قرر المطران “قسيس” إظهار هذه الحجارة وإعادتها إلى حالتها الأصلية، ففي حزيران الماضي، بدأت عمليات ترميم المبنى القديم للكاتدرائية. ومن المتوقع أن تنتهي عمليات الترميم في شهر نيسان المقبل، تمهيداً لإعادة افتتاح الكنيسة وعودة الصلوات فيها.

وتوقع المطران “قسيس” أن تقام صلاة عيد القيامة القادم في الكنيسة المرممة الجديدة كما أقيمت لأول مرة لإحياء ذكراها التأسيسية المئوية الأولى.

عمل دقيق وإبداع فني
يشارك في عملية ترميم الكاتدرائية فريق من المهندسين والفنانين المهرة. يشرح المهندس “فتحي حايك” المسؤول عن ترميم جدران الكنيسة، أن العمل يتضمن إزالة الحجارة المدمرة وتدعيمها بأخرى جديدة مع الحفاظ على روح الكاتدرائية المعمارية.

ويضيف المهندس “حايك” أن عمليات إعادة تأهيل الكاتدرائية ترتكز بالحفاظ على الأثر مع تحديث الخدمات فقد تم اتخاذ قرار إعادة جدران الكاتدرائية إلى حالتها الأصلية كما كانت عند بنائها لأول مرة. وسيشمل ذلك إعادة استخدام نفس المواد والبنى الأصلية. في الوقت نفسه، سيتم تحديث أنظمة الخدمة في الكنيسة بما يواكب العصر. وسيشمل ذلك أنظمة الإضاءة والتكييف والصوت.

إحياء الأيقونات
تُساهم الفنانة التشكيلية اللبنانية “فادية خليل فضول” في ترميم أيقونات الكاتدرائية، مؤكدةً أن “العمل يقتصر على تنظيف الألوان وإعادة إظهارها دون أي تعديل على الرسومات الأصلية”.

تقول الفنانة فضول المتخصصة في الفنون الدينية المقدسة منذ 30 عامًا: “إن الترميم لا يشمل أي تعديل على الأيقونات، بل مجرد إعادة إظهار الألوان الأصلية. وأضافت أن التأثير الأكبر للزلزال كان في الواجهة الرئيسية، حيث تم ترميم شق كبير، مبينة أن معظم الأضرار التي لحقت بالأيقونات ترجع إلى عوامل الزمن”.

من جانبها، تؤكد الفنانة التشكيلية “لوسي جورج مقصود” أن العمل جارٍ لاستعادة ألق الأيقونات والرسومات الجدارية في الكاتدرائية. مؤكدة أن العمل يتسم بالدقة نظراً لأن الأيقونة السورية السريانية لها خصوصية. وأشارت إلى أن الأيقونات رسمها الأب المرحوم “عبدو بدوي” عام 1985 وهي مستوحاة من المنمنمات السريانية.

وأوضحت “مقصود” أن أيقونات الكاتدرائية تتميز بالبساطة الشديدة وتستند إلى ثقافتنا المحلية في سوريا، بما في ذلك النصوص المكتوبة، وبالتالي العمل على ترميم أيقونات الكاتدرائية وإعادة الألق إلى اللوحات المقدسة.

الكنيسة رمز للصمود والأمل
تُمثّل كاتدرائية مار أفرام رمزاً للصمود والأمل في مدينة حلب التي عانت من ويلات الحرب والدمار. فمع إعادة ترميمها، تعود الكاتدرائية لتكون مركزاً دينياً وثقافياً وإشعاعاً حضارياً مهماً ، وتُشكل شعلةً منيرةً لمستقبل أكثر إشراقاً.

تصوير: عبد المنعم الحمدو

شاهد أيضاً

ريف دمشق..القبض على مجموعة تروج عملات أجنبية مزورة

شام تايمز- متابعة ألقى قسم الأمن الجنائي في بلدة السيدة زينب بريف دمشق القبض على …