مشاركة سورية افتراضية في المؤتمر الدولي العربي الأول للذكاء الاصطناعي في التعليم

شام تايمز – متابعة

تشارك سورية افتراضياً في المؤتمر الدولي العربي الأول للذكاء الاصطناعي في التعليم، الذي يقام في تونس يومي 23-24 أيار 2023م، بدعوة من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الألكسو وبالشراكة مع اليونسكو والإسكوا وغوغل والمركز الدولي لابتكار التعليم العالي تحت رعاية اليونسكو (unesco-ichei) وشركة intel.

وخلال مشاركة وزير التربية رئيس اللجنة الوطنية السورية لليونسكو الدكتور “دارم طباع” ألقى كلمة جاء فيها :

معالي الأستاذ الدكتور “محمد ولد أعمر” مدير عام الالكسو المحترم
معالي الدكتور “محمد علي بوغديري” وزير التربية بالجمهورية التونسية المحترم
سعادة الأستاذ الدكتور “محمد الجفني” المحترم
معالي السادة الوزراء المحترمين
السيدات والسادة العلماء والباحثين الافاضل المشاركين بالمؤتمر

لمن دواعي سروري أن تكون هذه المشاركة في تونس الخضراء هي الأولى لسورية عربياً  بعد عودتها إلى موقعها الطبيعي في المنظمات والهيئات المنبثقة عن جامعة الدول العربية التي شارك بقمتها مؤخراً السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية بالمملكة العربية السعودية والوفد السوري، وآمل أن تكون هذه المشاركة فاتحة لعمل عربي مشترك في المجالات التنموية المختلفة التي تخدم أمتنا وخصوصاً في مجالات التربية والتعليم التي تعد المدخل والطريق لصناعة مستقبل أفضل.

وأقول لمعالي الدكتور “بوغديري” شكرا لك على مقدمة خطابك التي اثرت بي جدا واقول لك:

لنا وطن وليس لنا حدود
فنحن وانتم طرف مهاد
إذا العذراء في تونس نادت
تلقتها المسامع من بلادي
وهب الشام يحميها فداء
وما كالشام من حام وفادي
على حب العروبة قد نشأنا
وهل في الحب نطمع في ازدياد
نعادي المفترين على التجني
ونحن على العروبة لا نعادي

الحضور الكريم
أردت أن أفتتح حواري بسؤال يمكن أن يكون مفيداً الإجابة عليه لتغطية جميع المحاور التي سيناقشها المؤتمر وهو:
هل يفضل أبناء الجيل ألفا أن يتعلموا من معلم روبوت أم معلم بشري، وماهو مستقبل التعليم؟
فكما نعلم جميعاً فإن هناك فرق كبير بين أجيال الألفية الذي نشكله نحن وجيلنا وبين جيل المتعلمين الذي يضم الجيل Z والجيل Alpha وهنا تكمن مشكلة التحويل في التعليم، فالسؤال الثاني هو:
هل يمكن لجيل الألفية أن يقرر مصير ورغبات الجيلين الجديدين بجميع مواصفاتهم وتطلعاتهم المختلفة كلياً عما تعودناه في مسيرتنا التربوية؟
بالتأكيد نحن نتعامل اليوم مع مواطنين رقميين، وهم مرتاحون في استخدام التطبيقات والرموز، وأذكياء ومستقلون بحياتهم، وماهرون في التكنولوجيا، وقادرون على التواصل العالمي والثقافي مما يجعلهم يميلون بالفعل للاستفادة من المدرس الروبوت وتفضيله على المدرس البشري.


لكن السؤال الثالث الذي علينا مواجهنه:
ما هو مستقبل هذا الجيل إذا نشأ في بيئة اصطناعية ذكية مطلقة؟
أنا أرى أنه بالتأكيد لن يكون هناك مستقبل مشرق للحياة البشرية لأن الحياة لاتقوم فقط على المعارف والمهارات والحلول العلمية، بل هي بيئة اجتماعية طبيعية تتأثر بالعوامل الوجدانية وتتعرض حتماً لتجارب وخبرات مختلفة تلعب في تكوين الحلول لها معقدات بيئية يرتقي المجتمع ويتطور من خلالها.
لكن هل يعيق ذلك من استخدام المعلم الروبوت في التعليم؟
بالطبع لا، وهذا مرتبط أولاً بوضوح الأهداف التي سيحققها، وثانياً بالاستفادة منه في تكرار المعلومات التي يحتاجها المتعلم بدلاً من إضاعة وقت المعلم بها، وترك المعلم لزيادة تفاعله مع متعلميه في البيئة الصفية، وثالثاً اتباع الإرشادات الأخلاقية التي لايجوز للروبوت المعلم أن يتجاوزها لكي لا يفسد المجتمع.
إذن كيف يمكن استخدام الذكاء الصنعي والروبوت في التعليم؟
لقد أصبح هذا الاستخدام واقعاً في العديد من المؤسسات التربوية كاستخدام الروبوت الياس في فنلندة مثلاً وغيرها من التجارب العالمية، ومن المتوقع خلال السنوات العشر القادمة مع استمرار نمو تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات بشكل كبير أن تتمكن المؤسسات التعليمية من القيام بأشياء مذهلة بمساعدة الروبوتات في مجال التعليم، مثل قراءة تعابير وجه الأطفال لمعرفة انفعالاتهم تجاه الأحداث حولهم، وربما قراءة أدمغتهم لتحليل كيفية تقدم تعلمهم والتكيف معها. ومن المثير للاهتمام أن بعض المدارس في الصين تستخدم تقنية التعرف على الوجه التي تقوم بمسح وجوه الطلاب كل 30 ثانية، وتعطي المعلمين ملاحظات حول كيفية تحسين أساليب التدريس الخاصة بهم أو تخصيصها بشكل أفضل في المستقبل، وهذه هي أولى مهام المعلم الميسر الذي يطمح التحويل في التعليم إلى الوصول له بدلاً من المعلم الملقن.
الجانب الآخر هو كم الانتقادات الواسعة النطاق التي يتعرض لها الذكاء الاصطناعي التوليدي من قبل المعلمين من خلال طرح مخاوف أخلاقية خطيرة، وهي أن هذا النمط من التعلم يمكنه أن يكون متحيزاً، وقد يعيق الإبداع البشري بشكل عام عن طريق:
انتزاع القدرة على التعبير لقدرته على إكمال الواجبات المنزلية والواجبات الدراسية بجميع أنواعها، الكمية والنوعية والتحليلية والإبداعية،
يؤدي أيضاً إلى قتل الإبداع الأدبي من خلال السرقة الأدبية السهلة والمتفشية في مجال البحث والمنشورات والكتب، مما يحد من قدرة الباحثين والكتاب على القراءة والاستيعاب والتوليف والتحليل والصياغة.
لكن رغم جميع هذه الانتقادات علينا أن نتساءل:
هل يمكننا التخلص من ابتكار عظيم بهذا الحجم؟
بالطبع لا فهذا الابتكار موجود ليبقى وسيصبح في النهاية في كل مكان، لذلك علينا كمربين التفكير جدياً في آليات دمج التكنولوجيا في التعليم لإحداث توازن منطقي ومقبول للأجيال القادمة يستطيع معها الجيل أن يستخدم هذه التقنية في تطوير مهارات التفكير الأساسي لديه وهي المهارات التي كنا نركز عليها كثيراً في القرون الماضية لعدم توفر المعلومات من مهارات الحفظ والفهم والتذكر وهذه يمكن أن تخدمها تقنية الروبوت بشكل عظيم للأسباب الثلاثة التي ذكرناها في المقدمة.
لكن في الوقت ذاته علينا ترك المجال للعلاقات الوجدانية الاجتماعية لتكون مع الأقران والمعلمين والمجتمع لتحفيز التفكير الناقد لديهم، وتطوير مهارات الابداع والابتكار بما يخدم استمرار النوع البشري ومتطلبات وجوده ضمن بيئة طبيعية سليمة وعادلة، تضمن استدامة موارده وعيشه بصحة وسلام وأمان مع باقي البشر من جهة وبقية الكائنات الحية في كوكبنا من جهة أخرى.
فالهدف الأساسي للتربية والتعليم هو الحفاظ على حياتنا نحن البشر على هذا الكوكب، لنعيش بأمان وسلام ضمن محيط جيوي سليم ومتوازن يضمن استمرارنا واستمرار الحياة من حولنا، أما إذا حولنا الإنسان العادي إلى روبوت مثالي لايخطأ ويعمل بدقة متناهية واستغنينا عن البشر وأخطائهم فقد نصل إلى كوكب مبرمج بشكل رائع لكنه يفتقد إلى الإنسان، الذي هو غاية الحياة ومنطلقها، وهذا هو هدفنا كتربويين بالتأكيد.
السيدات والسادة
لقد وضعت حكومة الجمهورية العربية السورية من خلال وزارة التربية نصب أعينها تصوراً واضحاً لمستقبل التعليم نتيجة المعاناة الكبيرة التي مررنا بها والتي بالتأكيد استوجبت منا إعادة التفكير جدياً ببناء الإنسان لمستقبل أفضل، ومساهمة أفضل في تحسين حياة الناس والمجتمع والكوكب، وقمنا بوضع معايير جديدة للتعلم مبنية على تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ومن ضمنها بالطبع تحقيق الهدف الرابع في مجال جودة التعليم، ووضعنا مناهج أكثر ملاءمة لتطلعات أجيال المتعلمين مبنية على كفايات التواصل وتعلم كيفية التعلم والمهارات الابتكارية ومهارات التفكير ومهارات الحياة والعمل والمواطنة المحلية والوطنية والعالمية ومهارات الاستدامة البيئية.


كما بدأنا بالتحول في التعليم من خلال المعاناة أولاً والتعلم ثانياً، وأصبحت مدارسنا جزءاً من المجتمعات المحلية المحيطة بها تتفاعل معها وتؤثر وتتأثر بها، وتحسنت ممارسات الفرد في ترشيد الاستهلاك والطاقة والموارد غير المتجددة بسبب المعاناة التي عاشها المواطن من جهة ومهارات التعلم التي أجبرته على ابتداع وابتكار تقنيات ومبادرات تمكنه من الاستمرار بالحياة تحت أصعب الظروف، فبدأت تظهر إبداعات الجيل وأفكاره المتطورة التي حاولنا رعايتها، وقمنا بالتعاون مع هيئة التميز والإبداع بإعداد برامج مشتركة لنشر ثقافة التميز والإبداع لدى الجيل، واستطعنا بالتعاون معهم وباهتمام خاص من السيدة الأولى أسماء الأسد ضمن برنامجها المجتمعي والتنموي بإدخال الروبوت في التعليم لتطوير كفاءات المبدعين والمتميزين للوصول معهم إلى حلول مشتركة بشرية تقنية تستطيع أن تخلق بيئة تعليمية جديدة يمكنها أن تسهم في تنمية مجتمعاتنا تنمية مستدامة سليمة.
وأخيراً
لابد لنا أن نلخص رؤيتنا في سورية لإدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم فهو أمر حتمي ومؤكد وسيحقق تطوراً ملحوظاً في بنية المجتمع القادم إذا ركز أولاً على الانسان وقيمه الإنسانية والتربوية وكينونته، بعيداً عن مظاهر الجشع والتملك والرغبة في الاستيلاء على كل مقدرات هذا الكوكب بمن فيه، تماماً كما نبه الكاتب ايريك فروم في كتابه  To Have or To Be الذي نشره عام 1976، والذي تحدث فيه عن الفرق بين الشخص الذي يركز على الحصول على الأشياء والشخص الذي يركز على الكيفية التي يعيش بها. وقدم فروم نظرية حول كيفية تأثير المجتمع والثقافة على شخصية الإنسان وعلاقته بالمادية والروحانية. كما تحدث عن أهمية التوازن بين الحصول والكينونة في الحاضر والاستمتاع باللحظة وتأثير ذلك على مستقبل البشرية. ويعد هذا الكتاب من أهم الكتب في علم النفس والفلسفة. وبالمناسبة ساعدني محرك ChatGPT على تلخيص هذه الكلمات عن الكتاب كمثال عن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.

أتمنى لمؤتمركم النجاح وأن يكون ركيزة هامة لمؤتمر اليونسكو الافتراضي الخميس القادم الذي سيكون في محاور مماثلة، وشكراً لإتاحة الفرصة لي للمشاركة معكم على أمل أن يتبع هذا المؤتمر تأسيس فريق عمل تربوي عربي يحول هذه الأفكار إلى تطبيقات تخدم أمتنا ودولنا من جهة وتحقق سلامة كوكبنا وشعوب العالم من جهة أخرى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وحضر فعاليات المؤتمر من جانب وزارة التربية كل من: مدير المعلوماتية الدكتور “ياسر نوح”، ومدير المنصات التربوية “محمود حامد”، وأمين اللجنة الوطنية لليونسكو الدكتور “نضال حسن”.

ويطرح المؤتمر مواضيع جديدة تتعلق بواقع وآفاق توظيف الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في التعليم، والتعاون بين الانسان والالة، والذكاء الاصطناعي لتحقيق الهدف الرابع من اهداف التنمية المستدامة والميتافيرس والتعليم، وجهود المنظمات الدولية والمؤسسات الكبرى.

 

شاهد أيضاً

“روضة الرفاعي”: الهدف من الفعالية هو إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الأيتام

شام تايمز – جود دقماق انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية وتحقيقاً لهدفه الإنساني، أقام النادي الدبلوماسي …