افتتاحية وزير التربية رئيس اللجنة الوطنية السورية لليونسكو في الاجتماع الدوري للجنة

شام تايمز – متابعة

قدم وزير التربية الدكتور “دارم طباع” رئيس اللجنة الوطنية السورية لليونسكو خلال الاجتماع الدوري للجنة اليوم مداخلة لرفعها للمديرة العامة لليونسكو، بهدف تعزيز علاقات التعاون، وتنويع مجالات الدعم اللازم للجهات الوطنية المعنية في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال لاسيما في مرحلة إعادة الإعمار، و التخفيف من حدة العقوبات الجائرة أحادية الجانب المفروضة بحق سورية وشعبها جاء فيها:

السيدات والسادة
اسمحوا لي بداية أن أشكر السيدة السفيرة “لمياء شكور” المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو التي عملت على مدى سنوات طويلة في تحقيق الغايات التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة، وكانت خلال عملها تمثل بلدها سورية خير
تمثيل، وعملت جاهدة لإظهار الوجه الحقيقي المشرق لسورية في هذا المحفل الدولي، فكانت خلال عملها المتواصل ومتابعتها المستمرة مثالاً للدبلوماسية السورية المشرفة فتستحق منا بمناسبة انتهاء أعمالها كل المحبة والتقدير، مع تمنياتنا لها بالنجاح والتوفيق الدائمين.

كما يسرني مع بداية اجتماع اللجنة الوطنية أن أرحب بسعادة الدكتور لؤي فلوح المندوب الدائم الجديد للجمهورية العربية السورية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، والذي أصدر السيد الرئيس بشار الأسد حفظه الله ورعاه مرسوم تعيينه لهذا المنصب، متمنين له التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة لمتابعة تمثيل الجمهورية العربية السورية في هذه المنظمة الهامة وتحقيق الدور الهام الذي تلعبه سورية كعضو دائم وقديم ومؤثر فيها.

سيداتي وسادتي
انبثقت أهداف المنظمة من الميثاق التأسيسي لها الذي اعتمد عام 1945 والذي يأتي في مقدمته
“إن حكومات الدول الأطراف في هذا الميثاق التأسيسي تعلن باسم شعوبها أنه:
لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام.

ولما كان جهل الشعوب بعضها لبعض مصدر الريبة والشك بين الأمم على مر التاريخ وسبب تحول خلافاتها إلى حروب في كثير من الأحيان ولما كانت الحرب العظمى المروعة التي انتهت مؤخراً قد نشبت بسبب التنكر للمثل العليا للديمقراطية التي تنادي بالكرامة والمساواة والاحترام للذات الإنسانية، وبسبب العزم على احلال مذهب عدم المساواة بين البشر وبين الأجناس محل هذه المثل العليا عن طريق استغلال الجهل والانحياز
ولما كانت كرامة الإنسان تقتضي نشر الثقافة وتنشئة الناس جميعاً على مبادئ العدالة والحرية والسلام، وكان هذا العمل بالنسبة لجميع الأمم واجباً مقدساً ينبغي القيام به في روح من التعاون المتبادل.

ولما كان السلم المبني على مجرد الاتفاقات الاقتصادية والسياسية بين الحكومات لا يقوى على دفع الشعوب إلى الالتزام به التزاماً إجماعياً ثابتاً مخلصاً، وكان من المحتم بالتالي أن يقوم هذا السلم على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر.
لهذه الأسباب ، فإن الدول الموقعة على هذا الميثاق، إذ تعتزم تأمين فرص التعليم تأميناً كاملاً متكافئاً لجميع الناس ، وضمان حرية الانصراف إلى الحقيقة الموضوعية والتبادل الحر للأفكار والمعارف، تقرر تنمية العلاقات ومضاعفتها بين الشعوب تحقيقاً لتفاهم أفضل بينها، ولوقوف كل شعب منها بصورة أدق وأصدق على عادات الشعوب الأخرى.

وبناء على ذلك تنشئ الدول بموجب هذا الميثاق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، لكي تسعى، عن طريق تعاون أمم العالم في ميادين التربية و العلم والثقافة، إلى بلوغ أهداف السلم الدولي، وتحقيق الصالح المشترك للجنس البشري، وهي الأهداف التي أنشئت من أجلها منظمة الأمم المتحدة والتي ينادي بها ميثاقها.

واليوم وبعد أكثر من خمسة وسبعين عاماً عمى تأسيسها لازلنا نتساءل: هل حققت هذه المنظمة أهدافها؟
بالطبع لا فالحروب المنتشرة في جميع أرجاء العالم والتي تهدد حياة الشعوب في كل مكان تنذر بحرب مفجعة جديدة قد تفوق الحربين العالميتين السابقتين, وكرامة الإنسان التي تسعى المنظمة لتعزيزها من خلال التربية والعلم والثقافة أصبحت مهددة أكثر من ذي قبل بالجوع والفقر والجهل والتلوث وغيرها من أسس التنمية المستدامة التي عملت الأمم المتحدة على تحقيقها.

والدول المشاركة في هذه المنظمة التي عليها أن تعمل من أجل السلم الأهلي لم تعد تهتم بأن يقوم هذا السلم على أساس التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر.

فما تعيشه المنطقة اليوم من ضغوط سياسية وحصار اقتصادي يجعل الدول النامية عاجزة عن تأمين متطلبات شعوبها، والتجييش الحربي بين الشرق والغرب وصل إلى مرحلة تمهد لاندلاع حرب عالمية جديدة وقودها المواطنون الذين تعمل المنظمة على تأمين تعليمهم وتهيئتهم لمستقبل مشرق.

وسرقة الموارد الطبيعية للدول النامية علناً أصبح يهدد السلم الأهلي، وينذر بكوارث خطيرة على مستقبل البشرية. وسرقة الكوادر البشرية المؤهلة من الدول النامية إلى أوربا وأمريكا ستكون له انعكاسات خطيرة على تطور هذه الدول وسعيها لتأمين موارد مستدامة من خلال العلم والتقدم
التكنولوجي، وما وصلت له بعض الدول مثل سورية ولبنان والأردن وغيرها من دول المنطقة من حرمانها من مصادر الطاقة المتوفرة لديها بكثرة أكبر مثال على استغلال بعض الدول العظمى العضوة في هذه المنظمة لدول أخرى أعضاء فيها أيضاً.

من هنا نوجه رسالة باسم اللجنة الوطنية لليونسكو إلى السيدة المديرة العامة لليونسكو لتحفيز الدول الأعضاء على العودة إلى الميثاق التأسيسي لهذه المنظمة العريقة والعمل بمضمونه لتحقيق الأهداف السامية التي تسعى لها المنظمة دون تحيز وتسييس لعملها، وبما ينسجم مع مصالح شعوبها للوصول إلى غاياتها في تحقيق السلم الأهلي من خلال الاهتمام بالتربية والعلم والثقافة.

كما يسرني أن أذكر بدور اللجان الوطنية لليونسكو، والتي تعد جزءاً من الهيكل الدستوري العام للمنظمة أنشأتها حكوماتهاوفقاً للمادة السابعة من دستور اليونسكو، في عملها على أساس دائم لغرض إشراك هيئاتها الحكومية وغير الحكومية في التعليم والعلوم والثقافة والتواصل مع المنظمة.

وتعلمون أنو يوجد حالياً 199 لجنة وطنية لليونسكو في جميع أنحاء العالم يشكلون أسرة عالمية لها شبكة موثوقة من أصحاب المصلحة والشركاء والخبراء، وتوفر ميزة نسبية للمنظمة داخل منظومة الأمم المتحدة. حيث تلعب هذه الشبكة دوراً مهماً في الاتصال بالشركاء، وتنسيق الأنشطة، وتعزيز مكانة اليونسكو على المستوى القطري.


السيدات والسادة
لقد عملت اللجنة الوطنية السورية خلال الفترة الماضية على تحقيق أكبر مشاركة ممكنة لإبراز دورها المهم في العمل الدولي المشترك، فحققت مشاركتكم في قمة تحويل التعليم التي عقدت في أيلول الماضي بنيويورك على هامش الاجتماع السابع والسبعين للأمم المتحدة دوراً مهما في تقديم التجربة السورية ضمن ورقة عملها التي أتت نتيجة مشاورات وطنية مكثفة قمتم بها، ومشاركة شبابية أسهمت بها المنظمات الشبابية في سورية والأمانة السورية للتنمية. كما كان لمساهماتكم في وضع ورقة عمل متخصصة للمشاركة في المؤتمر الدولي لرعاية الطفولة المبكرة والتعليم الذي عقد في تشرين الثاني الماضي في طشقند دور كبير في إظهار اهتمام الجمهورية العربية السورية وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد بالتربية والتعليم، وإبراز الاهتمام الحكومي والعمل الجاد الذي تعمل عليه السيدة أسماء الأسد في تطوير العمل المجتمعي وتحقيق الريادة والتميز في المجال التربوي.

كما كان للمساهمات الثقافية المختلفة من الجهود المبذولة في مجال صون التراث السوري المادي واللا مادي، وحماية المواقع الأثرية، وإعادة تأهيل ماتخرب منها نتيجة الإرهاب والحرب دور مهم في تسليط الضوء على اهتمامات الحكومة بالمشروع الثقافي الوطني، سيما وأن هذه الجهود توجت أخيراً
في تسجيل الوردة الشامية والقدود الحلبية والعود ضمن قائمة التراث الإنساني الثقافي اللامادي في المنظمة.

ولايمكن أن ننسى المشاريع الهامة والمساهمات المشرفة في جميع المجالات التي عملت المنظمة عليها سواء في مجال التعليم العالي والبحث العلمي أو في مجال السياحة أو الرياضة أو المياه أو البيئة أو الإعلام أو الشؤون الاجتماعية فهذه جميعها تدل على الدور الهام الذي تلعبه اللجنة الوطنية لليونسكو في سورية فلكم ولمؤسساتكم جزيل الشكر.

أيتها السيدات أيها السادة
لاشك أن هذا الاجتماع هام جدا لأنه يأتي في نهاية العام 2022 الذي لم يكن على مستوى حياة المواطن محققاً لآماله، ولا موفر لمتطلباته، لذلك ونحن مقبلون على عام جديد لابد لنا من أن نتوجه إلى جميع الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو للعمل الجاد وفق الميثاق التأسيسي لليونسكو لتعاون جميع هذه الدول في ميادين التربية والعلم والثقافة لبلوغ أهداف السلم الأهلي وتحقيق الصالح المشترك للجنس البشري الذي فيه مصلحة الجميع، شاكراً حضوركم واهتمامكم.

شاهد أيضاً

لبنان.. العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على القرى والبلدات

شام تايمز – متابعة واصل العدو الإسرائيلي الليلة الماضية واليوم الخميس، اعتداءاته على القرى والبلدات …