شام تايمز الإخباري رؤية لسورية أجمل
مقالات مشابهة
بقلم: فؤاد مسعد
تشهد الساحة الإنتاجية منذ مدة تحوّلاً في بنيتها وآلياتها وباتت تتجه أكثر فأكثر نحو إنجاز أعمال درامية يتم عرضها أولاً على منصات الانترنت مأجورة المُشاهدة، وهو توجه عالمي أبدى مخرجون كبار عجزهم الوقوف في وجه طوفانه إلى درجة أن مخرج بحجم “مارتن سكورسيزي” أصر على عرض أفلامه في الصالات السينمائية وإن لمدة أسبوعين فقط قبل عرضها على المنصات.
إنه تيار جارف إن لم تجاريه سيتجاوزك، حتى أن مخرجين كبار باتوا يخرجون أعمالهم تحت مظلته وهم في الوقت نفسه ينبهون من خطورته لأنه كأخطبوط، ويُخشى أن يطيح بكل تقاليد المُشاهدة الكلاسيكية بما فيها المحطات التلفزيونية التي تعرض المسلسلات والصالات السينمائية التي تعرض الأفلام، هو تيار يسير حاصداً كل ما يقف في طريقه، والهدف في النهاية أعطني جمهوراً.
هذا الأخطبوط بات يمتد إلى ساحة الإنتاج الدرامي العربي بشكل متسارعٍ ومتنامٍ، ووصل في السنوات الأخيرة إلى الإنتاج السوري حيث يتسابق اليوم العديد من المنتجين والمخرجين على ركوب قطاره في محاولة لحجز مكان متقدم لهم ضمن هذه الإنتاجات، وهو تحدٍ لا بد من التعاطي معه بجدية ومسؤولية لأنه بات منافساً شرساً وحضوره آخذ بالتطور مكرساً مكانته رويداً رويداً عبر أعمال من أهم سماتها أنها تحمل كماً كبيراً من التشويق والإثارة وعناصر الجذب، وتُقدم إما بصيغة أفلام أو أعمال درامية قليلة الحلقات (خماسيات وسباعيات وعشاريات) لتعرض على الشبكة العنكبوتية وفق آلية جديدة وبعيدة كل البعد عما كان سائداً منذ مدة قصيرة من آليات إنتاج تقليدية بما في ذلك طبيعة الموضوعات المطروحة وطريقة معالجتها وآلية تناولها لمختلف القضايا.
إنه التغيير الذي بدأ يتسلل إلى الفكر الإنتاجي وأدواته كما بدأ يتسلل أيضاً إلى مختلف مفاصل العمل الدرامي بما فيها طريقة الكتابة وأسلوب الإخراج وكل العناصر الفنية الداخلة في العملية الفنية، فمشاريع إنتاجية كاملة بات يُخطط لها وتُنفذ لتكون وقود للمنصات التي توفّر فضاءً واسعاً من الخيارات ويمكن متابعتها حتى عبر الجهاز الخليوي في أي زمان ومكان، وبالتالي من الأهمية بمكان أن نعي هذا الأمر لدخول المنافسة بقوة، والأهم ألا نذوب ضمن عولمة ما يُقدم وإنما أن نقدم هويتنا الإبداعية فتتمازج الأصالة مع الحداثة والعصرنة محققين بصمتنا الخاصة عبر أعمال تحمل تمايزها.
