نساء في عالم الكبار

بقلم فؤاد مسعد

كثيراً ما أثير موضوع صورة المرأة في الدراما التلفزيونية ومدى قدرتها على تحقيق حضور مُتقدم يعكس موقعها الحقيقي في المجتمع، واليوم عديدة هي النماذج النسائية التي تطرحها المسلسلات خلال الشهر الفضيل، إلا أن أياً منها لم يستطع اختراق السائد عبر ملامسة همومها ومشكلاتها بجرأة وجدّية عبر خط درامي متكامل يشكل العمود الفقري الرئيسي للعمل، وإن اجتزأنا تفصيلاً يتعلق بالصورة التي ظهرت عليها في الأعمال الاجتماعية المعاصرة وتحديداً حضورها ضمن عالم الكبار الذين يتمتعون بالسلطة والنفوذ والمال، تُرى كيف كان شكل هذه الصورة؟، هل بدت امرأة فاعلة ومؤثرة تتمتع بمكانة مرموقة أم انحصر دورها في درك قمقم الخنوع والتبعية؟، هل غاصت هذه الأعمال إلى عمق مكنونات عوالمها الداخلية وسلطت الضوء عليها بواقعية أم جاءت سطحية لم تتعدَ حدود فقاعة الصابون؟.

تنوعت آلية التعاطي مع المرأة ضمن هذه الأعمال، ولكن اتفقت على نظرة الرجل التي ترى فيها فريسة سهلة المنال بحكم قوة النفوذ، في حين تباينت نماذج النساء المطروحة وإن رجحت الكفة نحو المرأة المغلوب على أمرها التي استبيحت إنسانيتها وتحاول تلمس طريق النجاة، ونقتطف من تلك النماذج ما جاء عبر عملين دراميين مثال (كسر عضم – مع وقف التنفيذ).

الشخصية الأبرز ضمن هذا الإطار تلك التي قدمها مسلسل (مع وقف التنفيذ) إخراج “سيف السبيعي” وتأليف “علي وجيه” و”يامن الحجلي”، إنها “جنان”، (سلاف فواخرجي) التي تعيش حالتي الخضوع والقوة معاً بكل ما تحملان من تناقض يصعّد من حالة الصراع الداخلي لشخصية جاءت صعبة ومركبة حتى على الصعيد النفسي، أما مسلسل (كسر عضم) إخراج “رشا شربتجي” وتأليف “علي معين صالح” فتراوح فيه حضور المرأة المرتبط بالرجل المتنفذ بين شخصية المرأة القوية التي عاشت الظلم يوماً واستطاعت النهوض لحياكة انتقامها ومقارعة الكبار كحال شخصية “عبلة”، (كاريس بشار)، وبيّن شخصيات شكّلت في أغلبها العالم الخفي للرجل فهن الخانعات الباحثات عن طريقة لإرضائه، وإن حاولن التعبير عن الرفض فتكون كارثة الكوارث، ومثال ذلك شخصية “عُلا” الزوجة الثانية لشخصية “الحكم” و”يُمنى”، (نور علي) المصابة بفايروس “الإيدز” التي نقلت المرض إليه، وزوجته (نادين خوري) الرافضة ضمناً لأفعاله لكنها بقيت مستكينة لجبروته.

هن نساء حاول قسم منهن الخروج عن عباءة الظلم الذي نخر في عمق الروح، وتناول تلك الخطوط الدرامية يستدعي التشجيع والتأكيد على أهمية إحداث انقلاب في المفاهيم الإنتاجية نحو تبني إنجاز أعمال تحمل هاجس طرح قضايا المرأة بجرأة تكون فيها محركاً أساسياً للأحداث إلى جانب الرجل، لأنهما يشكلان معاً جناحي المجتمع ومحور توازنه.

شاهد أيضاً

ازدياد التبادل التجاري بين إيران والصين بنسبة 37%

شام تايمز – متابعة أعلنت الجمارك الصينية ازدياد حجم التبادل التجاري بين إيران والصين خلال …