مقهى “سوسيت” لمسة حنان من قلب دمشق.. مضيفوه من مصابي متلازمة “داون”

شام تايمز – كلير عكاوي

فنجان من القهوة وكوب من “الكابوتشينو” وغيرها من الأصناف الموجودة في مطعم ومقهى “سوسيت”، لها طعمها ونكهتها ورائحتها المختلفة كونها تحمل لمسة حنان في عملية تحضيرها وتقديمها للزبون عبر أنامل فريق العمل الذي يتألف من مجموعة من المصابين بمتلازمة داون، الذين اختارتهم جمعية “جذور” للقيام بمهمة خدمة الزبائن في رقعة يملأها السلام في حديقة تشرين.

عضو مجلس إدارة جمعية جذور “سهيلة محتسب بالله” أكدت لـ “شام تايمز” أن مطعم ومقهى “سوسيت” تم افتتاحه، الجمعة، في حديقة تشرين ويعمل فيه بشكل دائم أكثر من عشرين شاباً وشابة من المصابين بمتلازمة “داون” و12 شخص من غير المصابين كأول مطعم من هذا النوع في سورية، مشيرة إلى أن الشباب يعملون بإشراف متطوعي الجمعية وفق نظام الورديات “شفتات”، حيث أن “الكافيه” سيفتح من الساعة الثامنة إلى الواحدة ليلاً، إضافة إلى أنه سيتم تدريب عدد من الأشخاص الراغبين بالعمل سواء من أصحاب متلازمة “داون” أو غيرها لدمجهم في المجتمع وتسهيل دخولهم في سوق العمل.

وأوضحت “محتسب بالله” أن بداية الانطلاقة كانت عام 2018 في “مهرجان الشام بتجمعنا” في حديقة تشرين، ثم شاركت الجمعية في معرض دمشق الدولي، إلى أن وصلت إلى حمص وفي نهاية المطاف إلى مهرجان القلعة في حلب، موضحة أن الهدف هو دمج المصابين في المجتمع بغية إثبات مقدرته على تحقيق ذاتهم بعد تدريبهم واستقطابهم وتأهيلهم وتمكينهم الذي استمر لعامين.

وبدعم من محافظة دمشق أخذت الجمعية بقعة أرض في حديقة تشرين لإقامة “كافيه” دائمة، ويعود ريعها إلى مصابين متلازمة “داون” الموظفين عبر رواتب شهرية وتتراوح أعمارهم من 18 إلى 35 عام، إضافة إلى أن لباسهم موحّد، وفق “محتسب بالله” التي أكدت أنه لن يتوقف العمل بل سيمتد إلى كافة أنحاء سورية لتأمين فرص أكثر ليافعي متلازمة “داون”.

وبخصوص فكرة تسمية “سوسيت”، أكدت “محتسب بالله” أنه جاء بمعنى اللطافة والحلاوة، لافتة إلى أنه على المرشدين النفسيين والاجتماعيين مراقبة ظروفهم ومتابعة كل ما يجول في المقهى لمتابعة التصرفات والحركات وفي حال وجود أي نوع من التنمر لتوعية الطرف الآخر ومعالجة الموضوع لتقبل هؤلاء المصابين بمتلازمة “داون” لتحقيق دمجهم بالمجتمع.

من جهتها، الاستشارية النفسية والاجتماعية والتربوية “هبة موسى” أكدت لـ”شام تايمز” أن التخاطب و التواصل من أهم المهارات الحياتية وأهم طرق العلاج التي يحتاج إليها ذوو متلازمة “داون”، فهم لا يريدون من الشخص المقابل لهم شيئاً، ولا يعنيهم ما يملكه أو ما هو المنصب الذي وصل إليه، كل ما يحتاجون إليه هو الاحترام والمحبة من الجميع، مشيرة إلى أنه من الضروري أن يخرج المجتمع السوري من “الوصمة”، فمثلاً هناك من يقول عن المرأة التي تتأخر بالزواج “ياحرام عانس”، فلا بد من التغيير.

وقالت “موسى”: “مصابو متلازمة يمتلكون نبعاً من الحنان ويساعدونا على العلاج من أي اضطراب حياتي لأنهم يحبون دون مقابل، فلماذا لا نحترمهم ونحبهم بعيداً عن الشفقة والعطف لأن أكثر ما يؤلمهم النظرات الجارحة التي تأتي كالسكاكين في نفوسهم البريئة التي لا تعرف إلا الصفاء”، مشيرة إلى أنهم جديرون بأن تتم معاملتهم باعتبارهم أفراداً من المجتمع لا يختلفون عن غيرهم، لأنهم قادرون على التعلم والتفاعل مع باقي الأفراد متى توفرت لهم الظروف الملائمة، ومجال الإبداع لديهم غير محدود، داعية الجهات المعنية للتكاتف بهدف انتشار هكذا أنواع من المشاريع.

بدوره وزير التربية “دارم الطباع” أكد خلال الافتتاح أن هذا المشروع فكرة متميزة تظهر قدرات هؤلاء الشباب على العمل كغيرهم من الأشخاص العاديين ومن المهم تشجيع رواد المطعم والمجتمع لهم ليتحقق الدمج الفعلي بالمجتمع.

من جانبه عضو المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق “فيصل سرور” أوضح أن المحافظة انطلاقاً من مسؤوليتها الاجتماعية إلى جانب مسؤوليتها الخدمية قدمت مساحة من حديقة تشرين لتكون مكاناً لتنفيذ مشروع الجمعية، موجهاً الدعوة لزوار حديقة تشرين لدعم مقهى “سوسيت”.

ولاقى هذا المشروع إقبالاً كبيراً لدى الكثير من الأشخاص، حيث عبروا عن فرحهم بهذه الخطوة التي تعتبر الأولى في سورية، إضافة إلى تسليط الضوء على مهمة الأهالي لتشجيع أبناءهم في المشاركة بالعمل وإقناعهم بأنه سيغير حياتهم نحو الأفضل، عدا عن تأمين فرص عمل لأشخاص يبحثون عن بصيصاً من الأمل في خضب الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد.

شاهد أيضاً

تراجع الذهب عالمياً

شام تايمز- متابعة  تراجعت أسعار الذهب،اليوم الخميس، حيث جنى مستثمرون الأرباح بعد صعود مستمر شهده …