طاهر مامللي يوقظ ذاكرة السوريين بعصاه السحري في أوبرا دمشق

شام تايمز – آمنة ملحم
بحوزته أرشيف موسيقي يصعب التفاضل بالخيارات بين صفحاته، كونها جميعها طالما حفرت مكاناً وأسست ارتكازاً لها في ذاكرة الجمهور، لاسيما مع ارتباطها بأعمال درامية

الطريق إلى حفل المايسترو طاهر مامللي يحمل الكثير من التوقعات ببرنامج ذهبي سيكون على السمع وهذا مالم يخيبه مامللي من ظن، بما قدمه من تلوين وتنويع بين شارات درامية أعادتنا تارة للزمن الجميل ورست بنا تارة أخرى على حافة هذه الأيام.
حاملاً عصاه السحري المدجج بالنغم ومندمجاً مع كل نوتة موسيقية وعازف ومغن لأبعد حد، ورغم أن وجهه صوب أوركسترا أورفيوس التي رافقته في الحفل إلا أن تحركات جسده نطقت مالم ينطقه اللسان، فالشغف المسكون فيه وشدة ارتباطه بعالم الموسيقا لطالما كانت ثماره موسيقا من نوع خاص، يشكلها ويوزع نغمها بخيوط من نور تجعل الأذن تعشق قبل العين.

المايسترو مامللي الذي لا يسعى وراء الفنان النجم لشارات درامية ينجزها، فالشارة بنظره ليست أغنية خاصة بالفنان، عاد ليثبت هذه النظرية مع الحفل الذي ضم مجموعة من الأصوات الأكاديمية السورية التي يقف عدد منها لأول مرة بالحفل على خشبة الأوبرا إلا أن جميع تلك الأصوات

استحقت تلك الوقفة بأداء متمكن وإجادة عالية فمعهم استحضرت شارات مسلسلات “أحمر، سيرة آل الجلالي، هوا أصفر، في ظروف غامضة…”، كما كان للحب نصيب من الحفل فأهل الغرام حضروه وتماهوا مع شارة عمل ذو بصمة خاصة، كما أضاءت الفنانة ليندا بيطار “قناديل العشاق” على المسرح، ودندنت للشام التي بدأت تتعافى “افردي شعرك وتغندري”، بينما استحضرت الفنانة سارة فرح “مقامات العشق”، وصرخت بوجه الذئاب الذين شاخوا صرخة محترفة، وأبعد عبود برمدا “الفوضى” عن الأرواح المتعبة بأدائه العالي.

وكما استراحة المحارب انسحب مامللي في منتصف الحفل من المسرح تاركاً المشهد متماهياً مع عازف العود كنان أدناوي الذي احتضن آلته الموسيقية كما العاشق التائه في بحر أوتارها المتمسك بها حد الالتصاق بـ “صولو” أبهر الحضور قبل أن تقتحم الآلات الموسيقية الأخرى مساحته الفردية وتتلاحم فيها ضمن “بقعة ضوء” وتعلو الدندنة “ياناس خلوني بحالي وحدي ومرتاح بالي” مع إضاءة انسجمت بمشهدية متكاملة مع الوتر والنغم على المسرح.

ولم يجعل مامللي الحفل يمر دون تحية لأرواح الشهداء فكان مسك الختام لهم مع كلمات محمود درويش وعلى وقع صوت أليسار سعيد الذي صدح بنهايته “آن أن تنصرفوا” مترافقاً مع صورة “الأقصى” التي انتشرت على الشاشات الخلفية برسالة سورية عربية بذات الوقت.
الحفل قدمه الفنان عباس النوري وكانت افتتاحيته نغم إضافي له بسرد لحكاية طفولة عباس في أسرته المتواضعة، واستذكاره لقوة الأب وصلابته في مواجهة محن الحياة، قبل أن يقدم مامللي ليزينا معاً المسرح بهيبة حضور الكبار.

عموماً الشاشات التي كان لها حيز على المسرح زادت من جمالية الحفل وتكاملت بالصور التي استعرضتها وصممت خصيصاً لكل شارة بطريقة جديدة، كما لعبت الإضاءة التي انبثقت نحو العمق مع شارة “الواق واق”، بينما اندفعت للأعلى مع “ذكريات الزمن القادم”، وتلونت بالأحمر مع كل دندنة للحب دوراً كبيراً في الجذب البصري حيث لا مكان لرفة عين ولو للحظة، وبعكس المعتاد رغم أن الحفل لامس حدود الساعتين المتواصلتين إلا أن الجمهور المتعطش لهذا الثراء الإبداعي كان بانتظار المزيد منه.

وحظي الحفل بحضور رسمي وشعبي مهيب حيث حضره كل من وزير الإعلام عماد سارة، وسفير سورية لدى لبنان علي عبد الكريم علي، ووزيرة الثقافة د.لبانة مشوح، ووزير السياحة محمد رامي مرتيني، ووزير التربية د.دارم طباع، وثلة من أهل الفن، والصحافة الذين واكبوا تفاصيل الحفل منذ البروفات.
الراعي الإعلامي للحفل “شبكة شام تايمز الإعلامية”، والحفل أقامته شمس أكاديمي بالتعاون مع ” الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون” و”وزارة السياحة” ، وبرعاية من”إذاعة نينار – شركة proguard – شركة yalla party وشركة davinci home وشركة Elias Issa”.

شاهد أيضاً

الفنان “عبود برمدا”: أفتقد كل شخص له أثر جميل

شام تايمز – بتول سعيد تصوير ومونتاج : يعرب السالم أعرب الفنان “عبود برمدا” خلال …