ماذا بقي من أوراق للضغط على سورية بعد انتصار الانتخابات الرئاسية؟

شام تايمز – مارلين خرفان

تُثار التكهنات حول طبيعة المواقف الأمريكية والأوروبية الرافضة للانتخابات الرئاسية السورية في زعمها عدم شرعية الانتخابات والتفافها على القرارات الدولية، ومدى تأثيرها على الملف السوري مستقبلاً، ما يطرح تساؤلاتٍ حول إقدام الغرب على تبني نهجٍ مغاير بالتعامل مع الدولة السورية بعد نجاح الانتخابات من خلال مشاركة السوريين في الخارج والداخل وفوز الرئيس “بشار الأسد” بنسبة 95,1 % من الأصوات.

‏الباحث والمحاضر بالعلوم السياسية في جامعة باريس “عماد الدين الحمروني” أكد لـ “شام تايمز” أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية مثلت صدمة لأعداء سورية وخاصة المشاركة المهمة للسوريين بالخارج، وبدأ الإعلام الاوروبي وخاصة الفرنسي الواقع تحت التأثير الصهيوني في تزييف الحقائق، وإظهار دهاء وقدرة الرئيس “بشار الأسد” في استعمال الأزمة السورية لصالحه، وتطويع الجماعات الإرهابية لضرب التحرك السلمي بحسب رأيهم، وإظهار أن انتصار الأسد لا يعود للشعب السوري لكن لاستراتيجية النظام.

وأضاف الحمروني” أن هذه الهجمة الإعلامية الغربية دليل ضعف وحقد على الشعب السوري على مستوى الدوائر الرسمية الأوروبية، وهم الآن يعملون على التحضير للعودة الى ساحة التأثير الديبلوماسي من خلال الملفات الأمنية إقليميا ودولياً وفي انتظار المواقف الأمريكية ولقاء الرئيس الأمريكي “جو بايدن” والرئيس الروسي ” فلاديمير بوتين” في “جينيف”، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي اليوم مضطرب ومنقسم حول ما حصل بسورية وقلق على عودة الحضور الديبلوماسي السوري بالمنطقة العربية.

‏وقال “الباحث”.. إن “أهم ملف سيعمل من خلاله الأوروبيون هو إعادة الأعمار، ولمح الرئيس الأسد في كلمته أن الأولية للأصدقاء والحلفاء”، معتبراً أن الانتخابات تمثل زلزالاً حقيقياً بالمعنى الاستراتيجي وتداعياته كبيرة على الساحة العربية والدولية لذلك الهجمة الإعلامية ستكون قوية التأثير على الرأي العام، فالمعركة هي إعلامية وأمنية بامتياز خسارة الرهانات الغربية كبيرة ويجب العمل على إظهار هذا الانتصار كإنجاز وطني كبير وإعطاء مساحة أكبر لسيادة رئيس الجمهورية وشرح فكره ونهجه الوطني والقومي والدولي.

ولفت إلى أن الغرب لم يعد يملك أوراقاً كبيرة فقد خسر كل معاركه ‏هو فقط يملك آلة إعلامية ضخمة يحاول من خلالها تخفيف خسائره مع قوة محور المقاومة والصعود الصيني والتحدي الروسي والضعف الإسرائيلي، وسيكون مجبراً على القبول بالعودة الى العلاقات الديبلوماسية مع سورية، وإن الغرب يراوغ لتحويل هزائمه إلى انتصار وأوروبا رهينة الموقف الأمريكي وعودة سورية بالإمساك بأوراق إقليمية سيعزز موقفها في التفاوض مع أوروبا.

رئيس تحرير موقع “آسيا” الصحفي “ماجد نعمة” فضّل إضافة صفة “الاستعماري” أو “الأطلسي” على الغرب الذي واجه هزيمة محققة ومجلجلة في سورية، وهي هزيمة “عسكرية وجيواستراتيجية وايديولوجية وإعلامية”، لافتاً إلى صمود سورية أمام الإرهاب التي زحف عليها من كل حدب وصوب بذريعة “تصدير” الديمقراطية إليها.

ورأى “نعمة” أن الغرب حالياً رغم الصخب الإعلامي الفارغ، هو في مرحلة إعادة النظر بسياساته العدوانية الهمجية ضد سورية، أولاً لأنه هزم على الأرض، ثم بسبب تغير الرأي العام الدولي الذي بدأ يدرك أن الاستمرار في هذا النهج سيكون باهظ الثمن أمنياً وإرهابياً واقتصادياً وجيوستراتيجياً، مضيفاً أن استعمال سلاح الحصار الاقتصادي لم يعد مجدياً ومقنعاً لأحد وأنه سيلغي كل وجود ثقافي وسياسي واقتصادي للغرب في المنطقة لصالح الدول التي ساندت في صمودها، وليست هرولة هذا الغرب للعودة الى إيران ورفع الحصار عنها سوى الدليل على الفشل الذريع لهذا الحصار.

الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية “عهد خضور” أوضح أنه من الطبيعي عندما تفشل محاولات الغرب أن يتم اللجوء إلى خيار آخر وهو خيار التفاوض من جديد، طبعاً الاتحاد الأوروبي أدرك أنه أخطأ وارتكب الكثير من الأخطاء، لافتاً إلى خطوة إعادة افتتاح سفارات “قبرص واليونان وهنغاريا” سواءً كانت من 6 أشهر أو عام أو الآن فلا شك أنها خطوة تراجعية من قبل الاتحاد الأوروبي ويريد إعادة تصحيح الأوضاع.

ولفت “خضور” إلى أن دول الاتحاد الأوروبي هي دول براغماتية تحاول أن تحصل على مكتسبات كبيرة جداً لأنها تدرك أن واشنطن قد تفاوض دمشق في أمر من الأمور ولا تريد أن تخرج خالية الوفاض، مضيفاً أن المرحلة القادمة هي مرحلة انفتاح سياسي كبير لا شك أنها ستكون بين الترغيب والترهيب، إما أن توافق دمشق وإما أن يتم فرض العقوبات وفرض العقوبات لن يغير أي شيء، لذلك دول الاتحاد الأوروبي مضطرة في النهاية أن تتفاوض مع الدولة السورية، فسورية دولة محورية وهامة لا يمكن الاستغناء عنها في المنطقة.

وأشار “الباحث” إلى أن ورقة العقوبات لم تجدِ نفعاً مع أي دولة من التي حاصرها الاتحاد الأوروبي وأمريكا لا مع “كوبا ولا فنزويلا ولا روسيا ولا حتى مع كوريا الشمالية أو إيران”، فدول الاتحاد الأوروبي تفرض العقوبات من جهة وتفاوض الدول من جهة أخرى فإن نجحت المفاوضات أعادت العلاقات وإن لم تنجح تبقى هذه العقوبات هذه هي السياسة الإزدواجية، وكل العقوبات التي فرضت على الدول المقاومة أثبتت فشلها، لافتاً إلى أن حرمان ألمانيا والنظام التركي للسوريين من ممارسة حقهم بالانتخابات هو من الناحية القانونية، انتهاك للقانون الدولي ولاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

يذكر أن سورية أنجزت استحقاق الانتخابات الرئاسية في الـ 26 من أيار، وحقق الرئيس “بشار الأسد” فوزاً كاسحاً بنسبة 95,1 % من الأصوات، بحسب إعلان رئيس مجلس الشعب “حمودة صباغ” في اليوم التالي على انتهاء العملية الانتخابية، ووسط أجواء احتفالية شارك بها ملايين السوريين على امتداد جغرافيا الدولة.

شاهد أيضاً

“الاقتصاد” تحدد أصناف الأقمشة المصنرة المصنعة محلياً

شام تايمز – متابعة أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التعليمات المتعلقة بتحديد أصناف الأقمشة المُصنرة …