عام الرعب بالأرقام المهولة يعبرُ على مواجعنا

شام تايمز – رئيس التحرير: حيدر مصطفى

يعبرُ العام ولا تعبرُ معه تركاته، وتختلف تسمياته وأوصافه ومهما قيل بحقه قد يكون قليل، عامُ النار، عامُ الموت والرعب، عامُ الأزمات والتأزيم، عامُ القهر والذل، أو عام لكل ما سبق وأكثر، بعد استكماله مسيرة حصاد الأرواح بعد فشل إجراءات الحظر والإغلاق في تحييد البلاد عن رعب فايروس كورونا، والذي وصل عدد ضحاياه المعلن والمصرح والمعرف عنها، حتى كتابة هذا التقرير إلى 678 وفية، و11033 مصاب، شفي منهم 5141، ومسلسل الحصاد لم ينته ولا تنبؤات أو مؤشرات بقرب نهايته، على العكس تمام، الفايروس يفتك بالناس فتكاً مع سطوة ازدواجية المعايير على القرارات الحكومية، التي ومع قرب نهاية العام أصدرت قراراً بمنع الحفلات والأراكيل في المطاعم، لكنها أبقت على الملاعب والمماحكات الجماعية في وسائط النقل والمؤسسات العامة.

الأرقام المهولة لم تكن في حصاد الأرواح فقط، برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة، أطلق أواخر حزيران، تحذيراً من أزمة جوع في سورية، بعد وصول أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية لم تصل لها سابقاً، وبحسب أحد مدراء البرنامج فإن نحو مليون شخص في سورية يواجهون خطر المجاعة، مالم تتوفر المساعدات الفورية، وإن قرابة نصف السوريين ينامون جوعى.

وزعمت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية غير الحكومية خلال الأشهر السابقة، أن هناك أكثر من 4.6 ملايين طفل سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي في عموم البلاد، مبينة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن 700 ألف طفل إضافي يعانون الجوع في سورية بسبب وضع البلاد الاقتصادي المتأزم جداً، فضلاً عن تداعيات قيود فيروس كورونا.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، 90% من السوريين تحت خط الفقر، تسعة ملايين و300 ألف شخص في سورية يفتقرون إلى الغذاء الكافي، وعدد من يفتقر للمواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع مليون و400 ألف خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.

وكنتيجة مباشرة للحصار والعقوبات والتقصير الحكومي بحسب الكثير من السوريين، بدأ العام مع انهيارات غير مسبوقة بسعر الصرف، حيث انتهى العام 2019 على سعر صرف يتراوح بين 800 إلى 1000 ليرة سورية، ليبدأ العام المنتهي خلال أيام مساراً تصاعدياً وصلت فيه الليرة إلى مستويات غير مسبوقة من الانهيار، حيث استمرت خلال الأشهر الستة أو الثمانية الأخيرة على سعر صرف لا يقل عن 2000 ليرة سورية للدولار الواحد في السوق السوداء، ووصل مع نهاية العام إلى قرابة 3000 ليرة في السعر الذي لا يعترف به المركزي.

وخلال عام القهر العابر، ارتفعت الأسعار بأضعاف مضاعفة، وسجلت بعض السلع ارتفاعاً بنسبة 50 في المئة ومنها أكثر، ووصل سعر كيلو اللبن إلى 1000 ليرة سورية في دمشق ومناطق أخرى، والموز إلى نحو 16 أو 17 ألف ليرة في الصيف لينحدر مع بداية الشتاء إلى أسعار شبه مقبولة، ورغم الإنتاج الكافي من البطاطا إلا أن معضلة الاستيراد ما زالت قائمة، في حين وصل سعر كيلو البطاطا إلى أكثر من 1500 ليرة مع نهاية الصيف، ليبدأ لاحقاً بالانخفاض التدريجي غير المؤثر، ناهيك عن أسعار مستلزمات المدارس والمؤونة وتكلفة المكدوس المرهقة.

وسجلت أسعار العقارات بحسب رصد شام تايمز، أرقاما مهولة، حيث بلغت نسبة الزيادة نحو 100% لهذا العام بمختلف المناطق، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء من حديد وإسمنت والذي انعكس على الأسعار عموماً، كما تراوحت أجارات الشقق في مناطق العاصمة بين 300 ألف إلى 800 ألف وأكثر، فيما وصلت أسعار الأجارات بالعشوائيات إلى أكثر من 100 ألف، ناهيك عن تضاعف أسعار شقق المزة 86 ووصول أجارات الشقق الصغيرة إلى 200 أو 250 ألف، في حال كانت مفروشة، رغم انهيار الخدمات وتردي الحالة الطرقية والازدحام الخانق.

ووصل سعر المتر الواحد في وسط مدينة دمشق إلى 12 مليون، فيما وصل سعر المتر الواحد للشقة غير المجهزة إلى 400 ألف في بعض مناطق صحنايا بريف دمشق، وبالنسبة للشقة الجاهزة سعر المتر وصل إلى المليون.

على العموم كان عاماً للحرمان بامتياز، على الأقل بالنسبة لطبقة المواطنين المسحوقة تحت أقدام الفقر والدخل المعدوم أو المحدود، في حين سجلت الطبقة الغنية النافذة في البلاد ارتفاعاً ملحوظاً بالثروات والقدرة على الهدر، وبدا ذلك واضحاً في نتائج المزادات العلنية لبيع السيارات الفارهة، والحفلات الارستقراطية وغيرها من أشكال البذخ المفرط، كاحتشاد العشرات على إحدى شركات التكنولوجيا لشراء الجيل الجديد من آيفون بمبلغ تجاوز 5 مليون ليرة سورية.

شاهد أيضاً

المرصد الأورومتوسطي: نزوح أكثر من 700 ألف فلسطيني من مدينة رفح

شام تايمز – متابعة طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالضغط على “إسرائيل” لوقف جريمة …