“البعبع” حكاية الرعب الطفولية وقضية التنمر الحالية

خاص – شام تايمز – رهف عمار 

“البعبع” هو كائن خيالي يستغلونه الأهالي لخلق الخوف داخل أولادهم لدى ارتكابهم الأخطاء الطفولية، وببراءة يتم خداعهم والسيطرة عليهم من خلاله، ومن هنا انطلقت تسمية مبادرة “البعبع” وهي مبادرة سورية تهتم بقضايا الشباب وخاصة ظاهرة التنمر، والصحة النفسية وخطاب الكراهية، إضافة للتواصل اللا عنفي، وتقبل الآخر المختلف.

ومن منطلق أن البعبع لا يقل وحشية عن التنمر فقد كرست هذه المبادرة نفسها لتوعية المجتمع عن مخاطر التنمر، وتم تأسيسها في خريف عام 2019، حيث تهتم بتسليط الضوء على قضية التنمر بمختلف أشكاله وأنواعه، ورفع الوعي حول مخاطره وآثاره المترتبة على الصحة النفسية بالإضافة لتمكين الأشخاص الذين مروا بتجارب من خلال تعريفهم بأدوات تساعد على مواجهته والتخفيف من آثاره على صحتهم النفسية، التي قد لا تكون واضحة في البداية، وممكن أن تصل إلى الإدمان أو الانتحار.

مؤسس المبادرة “غيث صندوق” بيّن لـ”شام تايمز” أن البعبع هو محاولة لزرع ثقافة تقبل الآخر المختلف وعدم إلغائه ومناهضة خطاب الكراهية على مستوى الأفراد ونشر مفهوم التواصل اللا عنفي في المجتمع السوري، مع توضيح أهمية الاهتمام بالصحة النفسية وذلك باستخدام طرق ووسائل تفاعلية ولغة شبابية بعيدة عن التلقين، سعياً لبناء جسور تقوي الروابط الاجتماعية بين السوريين.

وأوضح “صندوق” أن فكرة المشروع بدأت تتراود لذهنه بناءً على حادثة بدأت بـ “مزحة” و “نكتة” عبر السوشال ميديا، وللأسف انتهت نهاية مؤسفة لفتاة صغيرة يافعة، وتحوّل الفيديو حينها لتريند وتم تداوله كنكتة انتشرت على صفحات كبيرة من السوشال ميديا، وتعرّضت فيه لكلام مؤذي على جميع الأصعدة، ثم اكتشف أن هذه الفتاة ليست من قامت بنشر الفيديو، وإنما أرسلته لإحدى صديقاتها وهي من قامت بنشر الفيديو دون وعي للنتائج التي قد يحدثها هذا الفيديو، الذي انتهى أثره بتعنيف الطفلة وحرمانها من إكمال تعليمها من قبل أسرتها وأدى لخلافات أسرية وصلت للطلاق، ومن هنا بدأ يتعمق بالبحوث المتعلقة بموضوع التنمر.

وأشار “غيث” إلى أهم النشاطات المجتمعية والفعاليات التي قدمها البعبع، حيث نفذ الفريق المكون من حوالي الـ20 شخص عدة جلسات تفاعلية لشباب ويافعين من كلا الجنسين، طرحوا من خلالها قضية التنمر وتناقشوا بآثارها على الصحة النفسية وطرق للحد منها، ومن خلال منصاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعوا الوصول لأكثر من 100 ألف شخص بمحتوى توعوي، كما حصلوا  على المرتبة الأولى من ضمن المبادرات الشبابية السورية المشاركة بفعالية الأمم المتحدة UN75، وأسسوا شراكات مع عدة فرق ومبادرات تطوعية فاعلة مثل (سيّار، مركز نحل المجتمعي، شبكة الأقران الشباب YPEER، وغيرهم)، قائلاً: “نحن نطمح اليوم للتحول من مبادرة إلكترونية تعمل على الانترنت بشكل رئيسي إلى مبادرة تعمل على الأرض من خلال فريق مؤهل بالمهارات والمعلومات اللازمة للقيام بجلسات توعوية تفاعلية في المدارس، الجامعات، المنظمات والجمعيات في مختلف المحافظات السورية، للتعريف بالتنمر وأشكاله ورفع الوعي بالمخاطر والآثار السلبية، مع العمل على تمكين الشباب والمراهقين الذين تعرّضوا للتنمر بمرحلة من حياتهم أو يتم تعرضهم حالياً للتنمر ليقفوا ويتحدثوا عن تجربتهم ومواجهتها”.

وعن الصعوبات التي واجهت مبادرة “البعبع” أوضح مؤسس المبادرة أن المشروع تعرض للانتقادات والهجوم كما أي مشروع جديد يطرح قضايا غير مألوفة في المجتمع، فمع بداية انطلاقها عام الـ2019 كانت النسبة الأكبر من الأشخاص تأخذ موقف الاستغراب من الفكرة وتسميتها وأحياناً الهجوم عليها، وزاد الهجوم على المبادرة وفريقها بعدما تم تسليط الضوء على مجموعات وصفحات على “فيسبوك” تحصد عشرات آلاف الإعجابات والمشاركات من خلال تنمرها على الأشخاص، وكان من الجمل الأكثر تداولاً هو أنو “من وين طلعتولنا فيها هي التنمر؟!!” و “من يوم يومنا منمزح مع بعض”، ومن هنا لمس أهمية توضيح الفرق بين المزاح والتنمر.

وقال “صندوق” إن الوصول لعشرات الآلاف من الأشخاص بعد مرور عام على مبادرتهم شيء جميل جداً، حيث تم دعم المبادرة من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان وبالشراكة مع جمعية نور للإغاثة والتنمية، وذلك لتنفيذ عدة أنشطة تفاعلية على منصات التواصل الاجتماعي من جهة، وعلى الأرض وبعدة مناطق مختلفة من جهة ثانية، ومن خلال هذا الدعم وصلوا للمدارس ومراكز الشباب ومقرّات الفرق التطوعية والجمعيات وطرحوا قضاياهم وتناقشوا معهم من خلال جلسات تفاعلية.

شاهد أيضاً

إحياء لذكرى النكبة.. مسيرات في مدن أمريكية والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة

شام تايمز – متابعة خرجت في العديد من المدن الأمريكية مسيرات لإحياء الذكرى الـ 76 …