ألمانيا ستعيد “إرهابيين” إلى بلادهم.. وفق أي شروط؟

شام تايمز – سارة المقداد

تتجه الحكومة الألمانية مؤخراً نحو الترويج لقرب عملية ترحيل بعض اللاجئين السوريين إلى بلادهم بدءاً من العام القادم، بعدما كانت خلال عام 2015 في طليعة الدول المستقبلة للاجئين، وذلك مع انتهاء قانون الحظر بترحيل السوريين إلى بلادهم في نهاية 2020، مُحاولةً بشتى الطرق إشراك دولهم في استقبالهم، على اعتبار أن كثيرين منهم يشكلون خطراً على أمن البلاد ومن أصحاب السوابق ومنهم عليه شبه ارتكاب أعمال إرهابية.

وكثر الحديث مؤخراً عن ضرورة ترحيل هؤلاء الإرهابيين، بعد الاعتداء الذي نُسب إلى لاجئ سوري أوقف للاشتباه بقتله سائحة ألمانية في درسدن بسلاح أبيض أواخر تشرين الأول، كما سبق أن أدين بجنايات كثيرة خصوصاً لمحاولته تجنيد مؤيدين لمنظمة مصنفة إرهابية، ما أدى إلى تسليط المزيد من الضوء على اللاجئين السوريين، ومخاطر وجود أصحاب السوابق ومرتبكي أعمال العنف بينهم.

وأوضح نائب وزير الداخلية الألماني “هانس غيورغ أنغيلكه” أن قرار ترحيل السوريين إلى بلادهم يتعلق بالمجرمين والمتورطين في أعمال تهدد الأمن الألماني، وفق ما أورده موقع دويتشه فيله “DW”.

وقالت متحدثة باسم وزير الداخلية الألماني “هورست زيهوفر” إن تعليق إعادة بعض السوريين الذي يتجدد في كل فصل، “لا يمكن أن يُطبّق من دون استثناء”، مما أثار غضب اليسار وحزب الخضر وكذلك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.

واعتبر الوزير الأمر بمثابة رسالة إلى المخالفين السوريين الذين يرتكبون جرائم أو يعرضون أمن الدولة للخطر مفادها أن هذه الممارسات جعلتهم “يخسرون حقهم في الإقامة في ألمانيا”.

وعن التنسيق بين سورية وألمانيا في حال بدأ تنفيذ الأمر، اعتقد عضو مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية في بروكسل “حسن خلف” خلال حديثه لـ “شام تايمز” أن التنسيق سيتم عن طريق القنوات الدولية مثل الأنتربول، فالقانون الدولي يسمح بتسليم مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية إذاً لم تواجه تلك العملية معارضة دولية وخاصة من قبل الدول التي تدعي أنها إلى جانب الشعب السوري وتمارس يومياً جرائم بحقه، مشيراً إلى أن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية يجب محاكمتهم في محكمة العدل الدولية في لاهاي وليس فقط في سورية.

وأوضح “خلف” أن الثابت قي القانون عندما ترتكب جريمة في إقليم دولة ما، يمكن محاكمة الجاني حتى لو كان ذلك الشخص ليس أحد رعايا الدولة، وسبب ذلك المبدأ يجوز لدولة ما أن تقوم بتسليم شخص ليس من رعاياها إلى دولة أُخرى لمحاكمته، وبناءً على ذلك يكون لكل دولة الحق طبقاً لمعاييرها الدستورية وأن تنقل الاختصاص إلى دولة أُخرى والتي يكون لها اختصاص على الشخص المتهم بارتكاب جريمة، ويكون نقل الاختصاص هذا ممارسة صحيحة تماماً للسيادة الوطنية وبصفة عامة هذا النقل يجب أن يتم طبقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ويدعم مجمل القادة المحافظون للمقاطعات الألمانية تبديل الحظر العام. في المقابل، في المقاطعات التي يحكمها الاشتراكيون الديموقراطيون، فإن فكرة الوزير تثير رفضاً واسعاً، ويصطدم مشروع زيهوفر بعقبات كبيرة، فقد قطعت برلين علاقاتها الدبلوماسية بدمشق وليس لديها متحدث باسمها في سورية كغيرها من الدول الأوروبية. وتقوم ألمانيا يشكل منتظم بترحيل أفغان رُفضت طلبات لجوئهم، مؤكدةً أن بعض المناطق في أفغانستان آمنة، كما أن وزارة الخارجية الألمانية حذرت من أن الوضع في سورية ما يزال غير آمن.

وانتقد وزير داخلية ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية بوريس بستوريوس انتهاء العمل بقرار وقف الترحيل الخاص باللاجئين السوريين إلى بلدهم نهاية العام الجاري، والذي يعد تراجعاً عن سياسة الأبواب المفتوحة أمام اللاجئين التي تبنتها برلين عام 2015.

بينما أيدت الولايات التي يحكمها حزب ميركل استئناف ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلدهم وفق شروط معينة، واعتبرت الولايات التي يحكمها الاشتراكيون أن خطة الوزير زيهوفر تشكل “انجرافا شعبويا”.

وانتقدت منظمة “كاريتاس” الخيرية هذه المخططات، وقال رئيس المنظمة بيتر نيهر، الخميس: “الوضع كارثي على مستوى البلاد والمخاطر التي يتعرض لها من تم ترحيلهم بعد عودتهم، ستكون هائلة.. بالإضافة إلى الأعمال الحربية، فإن الهجمات هي النظام السائد اليوم في عدة مناطق بالبلاد”.

وعلّقت ألمانيا عمليات الترحيل إلى سورية منذ 2012، بسبب الحرب والأوضاع السورية خلال العشرة أعوام الماضية، بعدما استقبلت نحو 790 ألف سوري، أكثر من نصفهم، حسب مركز التبادل الأكاديمي الألماني، أعمارهم أقل من 25 سنة، لتضم أكبر جالية سورية في أوروبا.

وأقر البرلمان الألماني “البوندستاغ” سابقاً قانوناً سمح للاجئين في البلاد الحاصلين على حماية ثانوية، أي إقامة مؤقتة (لمدة سنة)، باستقدام عائلاتهم ابتداءً من مطلع آب 2018، وذلك بعد تجميد القرار لمدة عامين، وكان معظمهم من السوريين.

والحماية الثانوية، لا ترقى إلى وضع اللجوء الكامل، وهي بمثابة إقامة مؤقتة تمنح لشخص لا ترى السلطات أنه يستحق الوضعية الكاملة للاجئ (إقامة دائمة)، لكنها تخشى إعادته لبلده الأصلي خوفاً على حياته.

يُذكر أن سورية عقدت خلال تشرين الثاني مؤتمراً دولياً حول “عودة اللاجئين” في قصر “المؤتمرات” بدمشق، كمحاولة في سياق الجهود الحكومية المبذولة لوضع حد لمعاناة السوريين في الخارج الذين هجروا بفعل الإرهاب.

شاهد أيضاً

لاتجارهم بالدقيق التمويني حبس 3 أشخاص لمدة سبع سنوات

شام تايمز- متابعة أصدرت محكمة الجنايات الأولى بحلب قراراً يقضي بحبس المدعو “خ.ع” والمدعو “ه.ب” …