الفرح “المسروق” في وادي النصارى

شام تايمز – بقلم رئيس التحرير: حيدر مصطفى

أضيئت شجرة الميلاد مساء الجمعة في مرمريتا، شمال حمص، وسط حشد من أهالي المنطقة والجوار، وبمشهد صاخب حاول أصحاب اليد الخيرة في المنطقة، زرع الفرح عبره على وجوه كابدت مرارة العيش في ظل تعاسة الأيام التي تمر فيها البلاد، أو في الأحرى، كان الجميع يحاول سرقة لحظات من الفرح بعيداً عن التعاسة العامة.

ليس مبالغة إن وصفت تلك المنطقة، ببلاد الفرح، يتشبث أهلها بمحاولاتهم لتقديم صورة مختلفة عن مناطقهم، راقية، ومتحضرة، هويتها البصرية تكاد تكون مختلفة بشكل كبير عن باقي أرياف حمص، وغيرها من الأرياف السياحية في سورية، المطاعم والمقاهي والمحال التجارية، ترتفع فيها نسبة الفخامة رغم بساطة الغالبية من سكان المنطقة، لتضيف إلى جمالها الطبيعي وتموضعها على سلسلة من المرتفعات الجبلية، ذات الطابع التاريخي والأثري.

نحو ثلاث ساعات كانت مدة الطريق من دمشق إلى مرمريتا مروراً بحمص، بداية من مفرق الحصن في السهل وصولاً إلى قلب “وادي النصارى”، تدخل مشهداً آخر من مشاهد البلاد التي تحتاج إلى مزيد من العناية الحكومية، وكثيرة هي الإفادات التي تؤكد أن ما وصلت إليه تلك المناطق من تنظيم وتحديث عمراني، تم بجهود محلية، واستثمارات لأبناء الوادي حولته إلى مقصد سياحي من الأهم والأجمل والأكثر جذباً في سورية.

وفي مقاطع مختلفة من ذلك الطريق من الحواش مروراً بالناصرة وصولاً إلى مرمريتا، وضعت أشجار الميلاد لتنير أجزاءً زاد انقطاع الكهرباء من ظلمتها، وغياب العناية الطرقية بالنسبة لمنطقة سياحية صيفاً وشتاءً خصوصاً في فترة الميلاد.

“نريد أن نسرق الفرح في غفلة من الآلام التي نمر بها، في ظل الأزمات المتلاحقة وتسلل المرض إلى منطقتنا” جملةٌ عُممت على ألسنة كثيرين حضروا حفل إضاءة شجرة الميلاد في ساحة دير القديس بطرس، وسط أجواء شديدة البرودة، حفل بدأ بالنشيد الوطني السوري، أعقبه إضاءة الشجرة مرفقة بعرض للألعاب النارية، وتبعه تفاعل الحضور مع أغاني الميلاد، وانهمكت غالبيتهم بالتقاط الصور التذكارية لهم ولأطفالهم الذين حرصوا على ارتداء الأقنعة الواقية، التي وزعها فريق التنظيم على جميع من حضر، لضمان السلامة.

ولأغراض مهنية اضطررنا إلى طلب المساعدة في الوصول إلى أعلى نقطة يمكننا منها رصد الساحة، وساعدنا المنظمون في الوصول إليها، المشهد من المرتفع المطل على البلدة كان لافتاً، أضواء الميلاد وشجرته في وسط البلدة تخترق ظلام السماء، ولوحده بالنسبة لسكان المنطقة رسالة إصرار لسرقة الفرح رغم التعاسة العامة.

وللمنطقة اسمين متداولين، الأصلي “وادي النصارى” والأخرى أطلقها رئيس فترة الوحدة بين سورية ومصر “جمال عبد الناصر” عندما وصفها بالجنة، وسماها بوادي “النضارة”، ولا يعتبر الاسم دارجاً، بقدر التصاق الاسم الأول بالمنطقة وجغرافيتها وطبيعتها الديمغرافية وهويتها الأصيلة، والتي تضم أكثر من ثلاثين بلدة مسيحية.

وتعرف تلك المنطقة بولائها المطلق للدولة، صور الشهداء ترافقك أينما ذهبت، الثمن الباهظ دفعه أهلها من دمائهم وأرواحهم، وفي غفلة من عمر الأزمة كاد السواد أن يلفح نضارة منطقتهم، إلا أن شفاعة المؤمنين والسيدة العذراء، وتضحيات كثيرين من أبنائها، كانت السبب في عدم حصول ذلك، يقول أهل المنطقة.

وكما كانوا أهل الوادي شهوداً على الرايات السود التي حاولت أن تخفق على أعتاب منطقتهم، وتصدوا لها، يذكر التاريخ وسمه بـ “وادي العلماء والشعراء والأطباء والروائيين الكبار”، في مقدمهم الطبيب والشاعر والسياسي “د.الياس عبيد” الذي كان أيضاً نائبًا مؤسّسا للكتلة الوطنيّة إلى جانب فارس الخوري وشكري القوتلي وآخرين، وأيضاً، الروائي في المهجر حليم بركات، وعميد الجالية العربية في ديترويت ورئيس قسم الجراحة العامة في مستشفى هنري فورد في ديترويت الأمريكية د.فاروق عبيد، والمفكر والفيلسوف كمال رفقا، والكاتب المسرحي شكيب خوري، والكاتب رفيق خوري، وغيرهم ممن لمع اسمهم مرتبطاً بوادي النصارى.

الصور المرفقة لـ طوني اسحاق

شاهد أيضاً

“وائل كفوري” يروج لأغنيته الجديدة

شام تايمز- متابعة روّج الفنان اللبناني “وائل كفوري”، لأغنيته الجديدة المقرر طرحها خلال الأيام القليلة …