العنفُ ضدّ المرأة.. جرمٌ يعاقبُ عليه القانون السوري

شام تايمز – خاص – زينب ضوّا

رغم المحاولات الكثيرة للجمعيات والمنظمات غير الحكومة، لنشر الوعي والحد من ثقافة العنف ضدّ المرأة، لا سيما في المجتمعات الأكثر تشدداً، إلا أن العنف لا يزال موجوداً في الكثير من المنازل والمناطق، ويُعدّ العنف ضدّ المرأة أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً وتدميراً للمجتمعات، ولا تزال مبرراته مجهولة أو غير منطقية، بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب أو الصمت خوفاً من الوسم بالعار والخروج عن الطاعة.

سرطان العائلة:

تروي “منى” وهو اسم مستعار لموظفة حكومية لـ”شام تايمز أن زوجها يأتي إلى البيت ورائحته مليئة بالكحول ويضربها “على كيفه” وحسب مزاجه، واكتشفت مؤخّراً أنه ينوي الزواج بأخرى متذرعاً بتقدم زوجته بالسن، رافضاً التفكير بأولاده ومستقبلهم.

وتواجه السيدة عنفاً لفظياً وهجراناً لأوقات طويلة، وكلاماً يوجه لها وأولادها من قبل والدهم، ما أثّر على حالتها النفسية وأصابها بفقدان الثقة، نتيجة كبتها لمشاعرها باستمرار، وأضافت.. “ما الذي يُجبر زوجة على تحمّل مزاج زوجها المتقلّب غير خوفها على أطفالها، “اقطعوا العنف من جذوره”.

وكشفت الأخصائية النفسية د.”مريم سمعان” لـ”شام تايمز” أن العنف ضدّ المرأة يتنوع بين الضرب، التحرّش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء على الأطفال، الزواج القسري، التحرّش في الشوارع، الملاحقة، المضايقات الإلكترونية، زواج الأطفال.

وأوضحت “سمعان” أن العنف النفسي هو أشنع أنواع العنف الممارس ضدّ المرأة، فأصعب شعور ممكن أن يشعر به الإنسان هو ” فقدان الطمأنينة”، خصوصاً وأن المجتمعات التي نعيش فيها اليوم تنظر إلى المرأة على أنها ضلع قاصر وغير مساوية للرجل أو تابعة له.

وحول الآثار الجسيمة التي يُخلّفها “العنف النفسي” على صحة المرأة أوضحت، أنه يؤدي إلى كسر ثقة المرأة بنفسها، ويقلل من مستوى الطموح عندها خصوصاً إذا كان الرجل يتعمّد إحباطها في تكوين نجاحات لها، بالتالي يجعلها تعيش في قوقعة، دون أن يكون لها حق التعبير عن رأيها وأن تشعر دوماً بالذنب والدونية والفشل.

ونوّهت الأخصائية إلى أن موجة كورونا التي انتشرت، لعبت دوراً كبيراً في زيادة الخلافات بين الزوجين، جرّاء الجلوس المستمر سويّة و “العكس صحيح تماماً”، واختلفت وجهات النظر خصوصاً عند بعض الرجال شديدي العصبية، الذين يُسقطون عدوانيتهم على الطرف الضعيف وهو “المرأة”.

ولفتت “سمعان” إلى فكرة “التعليم” والذي يلعب دوراً أساسياً في نجاح العلاقة بين الطرفين، لكنّها شدّدت على أنه لا ينفع بشيء ما لم يقترن بالوعي، ففي الحياة نجد أناساً متعلمين والمشاكل بينهم كبيرة جداً.

وبالنسبة لأبرز المُخرجات الناجمة عن التعنيف في العلاقة الزوجية قالت.. إن شعور “الكظم”، يُجبر المرأة على تحمّل ما لا تريد، وخصوصاً عند وجود الأولاد، وهذا الشعور يولّد أزمة نفسية تكون في منتهى الخطورة.

وشدّدت على ضرورة وجود الوعي أولاً وأخيراً، الذي يجعل الرجل يعي بمكانة المرأة على أنها روح وعقل وليس جسد فقط.

العنف من وجهة النظر القانونية:

بدوره أكّد المحامي “بهاء البدوي” لـ “شام تايمز” أن الأسباب تتعدّد ويبقى الطلاق واحداً، لافتاً إلى أن العنف ضد المرأة سبب من أسباب الطلاق وانتهاء الحلول، وتلعب الأوضاع المعيشية الراهنة، دوراً في مفاقمة أسباب الطلاق والتعنيف الذي من الممكن أن يدفع أحد الطرفين للاعتداء على الآخر.

وحول سلسلة الحالات التي عالجها قال “البدوي” إن أقبح الحالات كانت من حوالي “15” سنة، ولم يصرّح عن اسمها، تعرّضت فيها المرأة لعنف وصفه بالقبيح جداً، حيث تزوجت من شخص متزوج من قبل ويزيدها 20 عاماً ودون أي خلفية ثقافية تعليمية، كان يعذبها بسكب مادة “الأسيد” على قدميها.

وشدّد المحامي على أن الموضوع تابعه بعناية كبيرة رغم كل الصعوبات التي نجمت عنه والتي أخدت أبعاداً كبيرة، حتى أنجز الطلاق في النهاية وأخذت السيدة المعنفة حقها، وهذه هي الحالة الأكثر بشاعة التي مرّت عليه وتستحق أن تُذكر “حسب قوله”.

وبحسب رأيه فإن الهجرة التي حدثت خلال الحرب تسبّبت في حالات النزاع والأوضاع التي تُفاقم العنف القائم، وظهور أشكال عنف إضافية تُمارس ضد المرأة.

عقوبة التعنيف كغيرها من الجرائم:

وكشف المحامي “بهاء البدوي” أن عقوبة التعنيف وأشكاله كـ ” القتل والتعذيب والإيذاء”، تأتي حسب الجرم، ولم يميز القانون بين أي عقوبة.

وقال ” البدوي”.. إن التغييرات الإيجابية التي طرأت على القانون السوري، عندما رفع القانون “جرائم الشرف”، حيث كان الرجل يستطيع التحجج بضرب زوجته عندما يشكُّ بها، وكان يستطيع تأليف ما يريد، لكن بفضل القانون والتعديل حُلّ الأمر والقانون يسود فوق الجميع.

وحدّدت الجمعيّة العامة للأمم المتحدة يوم “25” تتشرين الثاني ” اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة”.

ويُعرّف العنف أنه تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة.

شاهد أيضاً

تخريج طلاب كورس “Tesol” الذي أقامه معهد غولدن مايلستون بالتعاون مع مؤسسة المدربين السوريين

شام تايمز – جود دقماق أقام معهد “غولدن مايلستون”، أمس السبت، حفل لخريجي طلاب طلاب …