مع تحميل الأدوية للصيادلة “كل مين إيدو إلو”.. والصحافة بِلا أَيدي!

شام تايمز – نور حسن – لؤي ديب

 

أخرَج خلدون المالح فيلم “صح النوم” السوري عام 1975، لترافقنا حارة “كل مين إيدو إلو” حتَّى اليوم، لنرى “غوّار الطوشة” يعتلي العديد من كراسي أصحاب القرار، يأمر وينهى ويَحِل ويربط وكأنَّه وَصَل إلى كُرسيه بعد شقاء وتعب، ويبحث عن مكافأة ذاتيَّة يمنحها لنفسه.

وتأثرت القطاعات الطبية والدوائية بالحرب المستمرة على سورية، والحصار الذي زاد من مأساوية الواقع المعيشي، وتعددت أنواع وأشكال الضغوطات التي يعاني منها العاملون في قطاع الصيادلة، ومنها مسألة “تحميل الدواء”.
وهي سياسة يتبعها بعض أصحاب المستودعات ليتمكنوا من تصريف كميات كبيرة من الأدوية التي تكون على وشك الانتهاء، أو معدومة الفائدة، مقابل كمية قليلة جداً من علب الأدوية المطلوبة، خصوصاً فترة الأوبئة، والأمراض الكثيرة.

واشتكى العديد من الصيادلة من جشع التجار وعدم الرقابة عليهم، ما ينعكس أثره بشكل مباشر على المواطن، وحاول موقع “شام تايمز” التواصل مع نقيب الصيادلة في سورية “د.وفاء كيشي” التي تجاهلت دور الصحافة في رَصد الصعوبات التي يعاني منها المواطن، والإضاءة عليها ليقوم صاحب القرار بالتعاطي مع هذه المشكلة باحِثاً عن حَل لها، على أمل تجاوزها ومعالجتها بجدِّية وبقدر كبير من المسؤولية، لكنها امتنعت عن الجواب قائلة: “هي مو شغلتك، انتي لازم تضوي ع مشاكل المواطنين، ومو شغلك علاقة الصيدلي بالصيدلي أو بالمستودع، وأنا ما وصلني أي كتاب من صيدلي عم يشتكي من هالموضوع”، رافضة الاستماع لما ينعكس عن هذه المشاكل على المواطن والصيدلي “المواطن” في آن معاً.

تعامُل المالح مع خيال “دريد لحّام ونهاد قلعي” المكتوب في “صح النوم” نحن نعانيه اليوم عبر العديد من مفاصِل حياتنا اليومية، وكان آخرها أزمة الأدوية المفقودة من الأسواق، نتيجة رغبة أصحاب المستودعات بإفراغ مستودعاتهم، وتمرير الأدوية مع بعضها، عن طريق تحميلها للصيادلة فوق طاقتهم، فيمتنعون عن شراء الأدوية التي يحتاجونها، ليفاجأ المواطن بعدم وجودها في السوق.

وقال أحد الصيادلة لـ “شام تايمز”.. “المشكلة كبيرة كتير ما إلها حل، بالأول كان في قرار من الوزارة أنو أي دوا بينتهي صلاحيتو بيتبدل، أما هلأ ماعد حدا اهتم، ولو القصة بتنحل بالمقاطعة، كان الكل قاطع بس بالنهاية لما يكون قدامك مريض وبحاجة حبة دوا بدك تحاول تأمنها بأي طريقة، نحنا منهتم بصحة الناس كواجب انساني بس أصحاب المستودعات ما بيهمن إلا الربح، ولما نسمع من وزير الصحة عن توفير ألف حبة سيتامول بالصيدليات وتسأل مين وصلو منن وما تلاقي حدا أخد، بتعرفو أنو في حلقة مفقودة وكل شي ضايع”.

ليضيف الصيدلاني “أنس المسعود”: الصيدلية صارت خسارة بخسارة، الناس صارت تعتبر اللي بيتوفر عندو دوا فهمان وشغيل، ما بيعرفوا أنه نحنا مشان علبة دوا سيتامول أو دوا غدة ممكن نحمل معها أدوية كاسدة بأكتر من “50” ألف، فشو بدو يعوض مربح هالعلبة؟ وهيك بيصير اللوم عالصيدلاني، والنقابة بتعرف بكل شي وما بتحكي!.

ما يطرح العديد من التساؤلات عن أسباب عدم تلقي النقابة لشكاوى حقيقية من الصيادلة، وفي العموم، لا يوجد ما هو محظور على الصحافة، التي من واجبها متابعة كافة القضايا والأمور، على أمل أن يكون العمل النقابي فاعلاً فعلاً لوضع حد لتمادي بعض أصحاب المستودعات وتجار الدواء.

حاوَلنا شَرح هذا التسيُّب الذي يشهده السوق الدوائي، لنكتَشِف بأنّنا في نظر النقيب “كيشي”، نمارِس ما لا يدخُل في نطاق اختصاصنا، كأبناء حارة “كل مين إيدو إلو” الذين نتحدَّث عنهم، ويبقى السؤال المطروح اليوم عاليَاً صارِخاً واضِحاً، ماهي مهمّة الصحافة؟.

شاهد أيضاً

الضوء ينقل البيانات بصورة أكفأ وأسرع

شام تايمز – متابعة يطور باحثون من جامعة ولاية “أيوا” مواد جديدة لنقل البيانات باستخدام …