أنجزت الطبقة العاملة الكثير من المهام المنوطة، لكن معاناتها لاتزال حاضرة في كل عام، وهو ما يعكس مطالبها في مؤتمراتها النقابية بتحسين الوضع المعيشي والخدمي، وضرورة العمل على إصلاح القطاع العام حمال الأسية وتطويره أفقياً وشاقولياً، نظراً لكونه الحامل الرئيس للعملية الإنتاجية، وفي تطويره وتقدمه الازدهار وتحسين الواقع العام للعمال، حين يتم ربط الأجور بعملية الإنتاج، وتقديم الحوافز الإنتاجية والمكافآت للمجتهدين والمبدعين الذين يساهمون في تحقيق زيادة الإنتاج والحفاظ على أدوات الإنتاج، وتبرز هنا أهمية وضع التشريعات المشجعة لعودة الرساميل المهاجرة العديدة الأشكال لتوظيفها في خدمة الاقتصاد الوطني، واستقطاب القطاع الخاص، ليكون مساهماً حقيقياً في تأمين احتياجات السوق، وليس مستفيداً ومغتنماً للمزايا التي أعطيت له، ومن دون أي فعالية حقيقية في حرصه على العمال وأسرهم، وحافظاً لحقوقهم في الانتساب للنقابات وتأمين الرعاية الصحية لهم وما تضمنه القوانين والأنظمة، ويكفل لهم الحياة السعيدة ويحميهم من مخاطر العمل.
صحيح أن الحرب على سورية فاقمت وضع الطبقة العاملة بشكل عام لأسباب عدة، لكن قيام أرباب العمل في القطاع الخاص بتسريح الآلاف من العمال تحت حجج متعددة، وعدم حصولهم على التعويضات المناسبة زاد من معاناتهم، في ظل قوانين مجحفة بحقهم منها القانون رقم 17 للعام 2010 الخاص بحقوق العمال وتنظيم علاقات العمل، إضافة إلى القانون رقم 50 لعام 2004 الخاص بالعاملين في الدولة، وقانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 وتعديلاته عام 2001 بإشكالاته العديدة.
ولذلك باتت الضرورة ملحة لتعديل القانون 17 بالنسبة للنقابات لأنه عامل معطل لاستقطاب العمال، والعامل لا يأتي للنقابة لطرح مشكلته إلا حين ينشب الخلاف بينه وبين رب العمل، ولا يسمح له في الأساس بالانتساب للنقابة، أو يضمن له حقوقه في عقد العمل، والغاية من التعديل عندها تكون من أجل إيجاد ناظم تشريعي يحقق البيئة المستقرة لأطراف العملية الانتاجية، ويضمن المكتسبات العمالية المتحققة سابقاً لتعزيزها، وفي أقلها إعادة النظر في قيمة الوجبة الغذائية للعمال الذين تتطلب طبيعة أعمالهم التعامل مع المواد الرصاصية السامة.
يضاف لذلك لابد من إعادة النظر في المواد القانونية التي تركت المجال مفتوحاً أمام أرباب العمل في القطاع الخاص لفصل عمالهم تعسفياً ومن دون أي مساءلة، كما أطلقت يدهم في التسريح وإنهاء العقود مقابل تعويض مادي بسيط، فهل نصوب ذلك مستقبلاً؟

أيمن فلحوط