جندي فرنسي يروي تفاصيل الحملة الفرنسية على مصر والشام

لم يكن جوزيف لابورت، كاتب هذه المذكرات، يعرف أن كتابه سيصبح من الوثائق التاريخية التي يرجع إليها لمعرفة تفاصيل حملة نابليون على الشام ومصر، فهو إضافة إلى الكتابة كان صاحب موهبة في الرسم استخدمها في تصوير الكثير من مشاهد تلك الحملة.. كما إننا في هذه المذكرات نكتشف المطامع الاستعمارية لفرنسا بعد تسع سنوات من القيام بثورتها الشهيرة.. جوزيف لابورت بقي مجهولاً من ناحية أصوله وتفاصيل حياته إلا ما ذكره نتفاً في بعض الأماكن، وعلى الأرجح أنه تطوع في الجيش الفرنسي بسبب البطالة وخالف رغبة والديه عندما هرب من المنزل كي ينفذ قراره بالالتحاق بالجيش الفرنسي، وقد مر بالكثير من الأحداث منها وقوعه في الأسر أثناء حصار مدينة مانتو الإيطالية حيث سلب منه الكثير من أوراقه ووثائقه الخاصة بحروب فرنسا في إيطاليا..
يذكر المترجم الدكتور محمود المقداد أن هذه المذكرات بقيت طي الغيب إلى عام 1996 حينما اكتشفت وتم شراؤها من مالكها ونشرت ضمن المنشورات الجامعية في فرنسا، ويشير هنا إلى تدخل العامل الشخصي للكاتب في رواية الأحداث، إذ تعمل العواطف والانفعالات فعلها، لكن وبرغم ذلك نجد في هذه المذكرات الكثير من الأحكام الموضوعية والقاسية على تصرفات القادة الفرنسيين.. وفي جميع الأحوال. فإن سبب عدم نشر لابورت هذه المذكرات في مرحلة ما من حياته غير معروف لكن ربما يرجع ذلك إلى اعتقاده بأن ما كتبه يعدّ مألوفاً أو ربما عانى صعوبات مالية إضافة إلى عدم شهرته التي ستجعل دور النشر تتردد في تبني الكتاب..
يقول جان تولار في تمهيده لهذه المذكرات إن لابورت كان يكتب مباشرة أثناء العمليات في مصر لكنه لم يكن يكتفي بالشهادة العيانية بل يعتمد على الوثائق من الآخرين، ويشير لابورت شخصياً إلى هذا الأمر بالقول: «سيكون القارىء ممتناً لي بشأن التفاصيل التالية التي نقلتها من مصدر جيد وأخذتها من أمين السر الخاص وأمين الصندوق السيد استيف المحاسب العام..».
يتحدث لابورت بشكل شائق عن حصار عكا والمعارك الطويلة التي دارت على أسوارها، يقول: «وصلت الفرق إلى عكا واحتلت المرتفعات التي تحيط بها وتم حصارها تماماً.. كانت عكا مدينة بطليموس القديمة، مدينة أسقفية يونانية خاضعة للأتراك وهي مبنية على لسان بري يدخل في البحر ويشكل بذلك من كل جانب مرسى واسعاً وخاصة ما بين المدينة وقرية حيفا وهو مرسى عميق جداً والبحر متقدم جداً إلى الأمام في البر..».
يعطي الكتاب الكثير من المعلومات عن الحملة الفرنسية من الداخل وتفكير الجنود وعدد الخسائر والحالة النفسية وتخطيطات القادة، وهو ما يمكن أن يغني التاريخ من وجهة نظر الآخر لأن التفاصيل المسرودة في هذه المذكرات تستحق الوقوف والتأمل.

شاهد أيضاً

“قيس الشيخ نجيب” يوجه رسالة بعد وفاة والدته

شام تايمز – متابعة وجّه الممثل السوري “قيس الشيخ نجيب” رسالة شكر لجمهوره، ولجميع الأشخاص …