ما نود الإشارة إليه ليس فقط الغلاء الحاصل ولا الغش وحالات السمسرة والتلاعبات الجارية من بعض المستغلين، إنما حالة الفلتان التي تفرضها قلة من الموردين للمواد من خارج البلد، هؤلاء هم رأس البلاء السعري الذي يفرض إيقاعه على رقاب العباد بلا رأفة أو رحمة، يسطرون فاتورة أسعارهم بشكل يومي، وحسب متغيرات «بورصة» أسعار صرف العملات، غير آبهين بأي شيء، فلا أحد يقدر على صد نزواتهم السعرية، أو وضع حدٍّ لجشع أهوائهم، وحجتهم دائماً أن التكاليف قد زادت أسعار النقل والشحن مرات ومرات، لكنهم مراوغون ويجلبون أردأ الأنواع وأرخصها ويبيعونها على أنها ذات مستوى جيد!.
همّهم وحيد يسعون إليه بغض النظر عن كل الاعتبارات، فالمهم ملء جيوبهم و«كروشهم»، وآخر ما يسألون عنه المواطن!!..
منذ أيام كان حديث لمورِّد كبير لمادة غذائية، كان كلامه موزوناً في البداية وبشكل دبلوماسي، لكن سرعان ما تغيّرت لهجته بعد الخوض في تفاصيل النقاش بشأن واقع الأسواق وأسعارها، شغّل «سيكاره» الفاخر، وأخذ يسرد مسائل لا تهمّ سوى فاتورته ومقدار الربح المتأتي من جراء هذه الصفقة دون أخرى، لينتهي به النقاش، (أن هناك حالة يعيشها المستهلك اليوم، وهي شكواه بسبب وبلا سبب، غير مقدر – أي المستهلك – الضغوط والتكاليف الباهظة لتوريد أي مادة للأسواق..)!
أيها السادة.. لا أحد يدرك خطورة الغلاء وارتفاع قيمة فاتورة المعيشة، ولا أحد يستشعر حالة المواطن، الكل في سباق لجمع الربح تحت أي من المسوغات وتقديم التسويغات غير المقنعة، فالضرورة الضرب بيد من حديد والتشدد أكثر على خروقات وتجاوزات المورِّدين وكشف ألاعيبهم!!..

هني الحمدان