وبما أننا لا نمتلك شاقولاً لمعرفة استقامة بعض مسؤولي بلدياتنا، فإنهم ما زالوا يُمعِنون في «شَقْلِنا» نحن المواطنين من دون أن يُقيموا لنا أي وزن، على اعتبار أننا لا نستطيع أن «نَشْقلهم» بالطريقة ذاتها، ولذلك فإن مُهندسيهم لا يستخدمون أي نوع من أنواع «الشَّقلة» أثناء تخطيطهم لبنية بلداتنا التحتية، وكأن شعارهم «نصف متر فوق، نصف متر تحت لا مشكلة»، ما ينتج عنه أن أنابيب التصريف بدل أن تصبّ محتوياتها في الخط الرئيس، فإنها ترجع إلى الأقبية، ومع أمطار غزيرة كالتي نشهدها، لن يعود ثمة جدوى لـ«مانع الرجوع» ولا «الفَرَّامات» حتى الإيطالية منها، لأنها «ستشهق ولن تلحق»، والأنكى أننا عند مراجعة رؤساء البلديات حول تنظيف أنابيب الصرف الصحي، فإن جوابهم الموحَّد يكون بأن «عروض تعزيل الريكارات والمَطَريَّات فُضَّتْ منذ أشهر، وأن المتعهد الذي رست عليه المناقصة أخذ أمر المباشرة بالعمل، وأن التعزيل سيكون بإشراف المكتب الفني»، ورغم ذلك البيوت تطوف بالقاذورات مع أوَّل مَطرة، والمسؤولون عن مأساتنا ما زالوا «يَشقلوننا» كل شَقْلة أقوى من سابقتها، ومع إننا لا نُطالبهم بإعادة تسوية ريكارات الشوارع على «الشَّقلة»، وإنما مُجرَّد عدم التفاجؤ كل مرَّة بخيرات السماء التي تتحول إلى نقيضها تماماً، كما في قصة صديقي الذي دعت له والدته «السَّما تنزِّلَّك والأرض تنبعلك» من دون أن تحدد بماذا، فَغَرِقَ في قبوِه بالمياه الآسنة!

بديع صنيج